responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 273


العباد ، أما لما حصل يوم الجزاء ويوم الدين اندفع وهم الظلم ، فلهذا السبب قال الله تعالى : * ( ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسن ) * ( النجم : 31 ) وهذا هو المراد من قوله تعالى : مجدني عبدي ، الذي نزهني عن الظلم وعن شيمة .
وأما قوله : " وإذا قال العبد إياك نعبد وإياك نستعين قال الله هذا بيني وبين عبدي " فهو إشارة إلى سر مسألة الجبر والقدر ، فإن قوله إياك نعبده معناه إخبار العبد عن إقدامه على عمل الطاعة والعبادة . ثم جاء بحث الجبر والقدر : وهو أنه مستقل بالإتيان بذلك العمل أو غير مستقل به ، والحق أنه غير مستقل به ، وذلك لأن قدرة العبد إما أن تكون صالحة للفعل والترك ، وإما أن لا تكون كذلك : فإن كان الحق هو الأول امتنع أن تصير تلك القدرة مصدراً للفعل دون الترك إلا لمرجح ، وذلك المرجح إن كان من العبد عاد البحث فيه ، وإن لم يكن من العبد فهو من الله تعالى فخلق تلك الداعية الخالصة عن المعارض هو الإعانة ، وهو المراد من قوله إياك نستعين ، وهو المراد من قولنا : * ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ) * ، أي : لا تخلق في قلوبنا داعية تدعونا إلى العقائد الباطلة والأعمال الفاسدة ، وهب لنا من لدنك رحمة ، وهذه الرحمة خلق الداعية التي تدعونا إلى الأعمال الصالحة والعقائد الحقة ، فهذا هو المراد من الإعانة والاستعانة ، وكل من لم يقل بهذا القول لم يفهم البتة معنى قوله : * ( إياك نعبد وإياك نستعين ) * وإذا ثبت هذا ظهر صحة قوله تعالى : هذا بيني وبين عبدي ، أما الذي منه فهو خلق الداعية الجازمة ، وأما الذي من العبد فهو أن عند حصول مجموع القدرة والداعية يصدر الأثر عنه ، وهذا كلام دقيق لا بدّ من التأمل فيه .
وأما قوله : " وإذا قال اهدنا الصراط المستقيم يقول الله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " وتقريره أنا نرى أهل العالم مختلفين في النفي والإثبات في جميع المسائل الإلهية ، وفي جميع مسائل النبوات ، وفي جميع مسائل المعاد ، والشبهات غالبة ، والظلمات مستولية ، ولم يصل إلى كنه الحق إلا القليل القليل من الكثير الكثير ، وقد حصلت هذه الحالة مع استواء الكل في العقول والأفكار والبحث الكثير والتأمل الشديد ؛ فلولا هداية الله تعالى وإعانته وأنه يزين الحق في عين عقل الطالب ويقبح الباطل في عينه كما قال : * ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) * ( الحجرات : 7 ) وإلا لامتنع وصول أحد إلى الحق ، فقوله : * ( اهدنا الصراط المستقيم ) * إشارة إلى هذه الحالة ، ويدل عليه أيضاً أن المبطل لا يرضى بالباطل ، وإنما طلب الاعتقاد الحق والدين المتين والقول الصحيح ، فلو كان الأمر باختياره لوجب أن لا يقع أحد في الخطأ ؛ ولما رأينا الأكثرين غرقوا في بحر الضلالات

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست