نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 263
فإن قيل : لم قدم ذكر العصاة على ذكر الكفرة ؟ قلنا : لأن كل واحد يحترز عن الكفر أما قد لا يحترز عن الفسق فكان أهم فلهذا السبب قدم . الفائدة الثامنة : في الآية سؤال ، وهو أن غضب الله إنما تولد عن علمه بصدور القبيح والجناية عنه ، فهذا العلم إما أن يقال إنه قديم ، أو محدث ، فإن كان هذا العلم قديماً فلم خلقه ولم أخرجه من العدم إلى الوجود مع علمه بأنه لا يستفيد من دخوله في الوجود إلا العذاب الدائم ، ولأن من كان غضبان على الشيء كيف يعقل إقدامه على إيجاده وعلى تكوينه ؟ وأما إن كان ذلك العلم حادثاً كان الباري تعالى محلاً للحوادث ، ولأنه يلزم أن يفتقر إحداث ذلك العلم إلى سبق علم آخر ، ويتسلسل ، وهو محال ، وجوابه يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد . الفائدة التاسعة : في الآية سؤال آخر ، وهو أن من أنعم الله عليه امتنع أن يكون مغضوباً عليه وأن يكون من الضالين ، فلما ذكر قوله أنعمت عليهم فما الفائدة في أن ذكر عقيبه غير المغضوب عليهم ولا الضالين ؟ والجواب : الإيمان إنما يكمل بالرجاء والخوف ، كما قال عليه السلام : " لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا ، فقوله : صراط الذين أنعمت عليهم يوجب الرجاء الكامل ، وقوله : غير المغضوب عليهم ولا الضالين يوجب الخوف الكامل ، وحينئذٍ يقوى الإيمان بركنيه وطرفيه ، وينتهي إلى حد الكمال . الفائدة العاشرة : في الآية سؤال آخر ، ما الحكمة في أنه تعالى جعل المقبولين طائفة واحدة وهم الذين أنعم الله عليهم ، والمردودين فريقين : المغضوب عليهم ، والضالين ؟ والجواب أن أن الذين كملت نعم الله عليهم هم الذين جمعوا بين معرفة الحق لذاته والخير لأجل العمل به ، فهؤلاء هم المرادون بقوله : أنعمت عليهم ، فإن اختل قيد العمل فهم الفسقة وهم المغضوب عليهم كما قال تعالى : * ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه ) * ( النساء : 93 ) وإن اختل قيد العلم فهم الضالون لقوله تعالى : * ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) * ( يونس : 32 ) وهذا آخر كلامنا في تفسير كل واحدة من آيات هذه السورة على التفصيل ، والله أعلم .
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 263