نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 392
ولكم ما كسبتموه - لا ما كسبه غيرهم - فيختلف القصران المقام ذلك . * ( وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُوْا يَعْمَلُونَ ) * إن أجرِيَ - السؤال - على ظاهره فالجملة مقررة لمضمون ما قبلها وإن أريد به مسببه - أعني الجزاء - فهو تذييل لتتميم ما قبله ، والجملة مستأنفة أو معترضة ، والمراد تخييب المخاطبين وقطع أطماعهم من الانتفاع بحسنات من مضى منهم ، وإنما أطلق - العمل - لإثبات الحكم بالطريق البرهاني في ضمن قضية كلية ، وحمل الزمخشري الآية على معنى - لا تؤاخذون بسيئاتهم كما لا تثابون بحسناتهم - واعترض بأنه مما لا يليق بشأن التنزيل ، كيف لا وهم منزعون عن كسب السيئات فمن أين يتصور تحميلها على غيرهم حتى يتصدى لبيان انتفائه ، وأنت تعلم أنه إذا كان المقصود سوق ذلك بطريق كلي برهاني لا يتوهم ما ذكر . هذا ومن الغريب حمل الإشارة على كل من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وأن المعنى كل واحد منهم أمة أي بمنزلتها في الشرف والبهاء قد خلت أي مضت ، ولستم مأمورين بمتابعتهم لها ما كسبت وهو ما أمرها الله تعالى به ولكم ما كسبتم مما يأمركم به سبحانه وتعالى ، ولا ينفعكم مكتسبهم لأنه ليس مقبولاً منكم لأنه ليس في حقكم ، إنما ينفعكم ما يجب عليكم كسبه ولا تسألون عما كانوا يعملون هل عملتم به ؟ وإنما تسألون عما كان يعمل نبيكم الذي أمرتم بمتابعته ، فإن أعماله ما هو كسبكم المسؤول عنه ، فدعوا أن هذا ما أمر به إبراهيم أو غيره ، وتمسكوا بما أمر به نبيكم ، واعتبروا إضافة العمل إليه دونهم ، ولا يخفى أنه لو كانت هذه الآيات كلام هذا المفسر لأمكن حملها على هذا التفسير الذي لا فرع ولا أصل له ، لكنها كلام رب العالمين الذي يجل عن الحمل على مثل ذلك . ومن باب الإشارة والتأويل في الآيات السابقة إلى هنا : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات ) أي بمراتب الروحانيات كالقلب والسر والروح والخفاء والوحدة والأحوال والمقامات التي يعبر بها على تلك المراتب كالتسليم والتوكل والرضا وعلومها * ( فأتمهن ) * بالسلوك إلى الله تعالى وفي الله تعالى حتى الفناء فيه * ( قال إني جاعلك للناس إماماً ) * بالبقاء بعد الفناء ، والرجوع إلى الخلق من الحق ، تؤمهم وتهديهم سلوك سبيلي ، ويقتدون بك فيهتدون * ( قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) * ( البقرة : 124 ) فلا يكونون خلفائي مع ظلمهم وظلمتهم برؤية الأغيار ومجاوزة الحدود * ( وإذ جعلنا ) * بيت القلب مرجعاً للناس ، ومحل أمن وسلامة لهم إذا وصلوا إليه وسكنوا فيه من شر غوائل صفات النفس ، وفتك قتال القوى الطبيعية وإفسادها ، وتخييل شياطين الوهم والخيال وإغوائهم . * ( واتخذوا من مقام إبراهيم ) * الذي هو مقام الروح والخلة موطناً للصلاة الحقيقية التي هي المشاهدة والخلة الذوقية * ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ) * ( البقرة : 125 ) أمرناهما بتطهير بيت القلب من قاذورات أحاديث النفس ، ونجاسات وساوس الشيطان ، وأرجاس دواعي الهوى ، وأدناس صفات القوى للسالكين المشتاقين الذين يدورون حول القلب في سيرهم ، والواصلين إلى مقامه بالتكول الذي هو توحيد الأفعال ، والخاضعين الذين بلغوا إلى مقام تجلي الصفات وكمال مرتبة الرضا ، الغائبين في الوحدة ، الفانين فيها * ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا ) * الصدر الذي هو حريم القلب * ( بلداً آمناً ) * من استيلاء صفات النفس ، واغتيال العدو اللعين ، وتخطف جن القوى البدنية * ( وارزق أهله ) * من ثمرات معارف الروح من وحد الله تعالى منهم وعلم المعاد إليه ، قال : ومن احتجب أيضاً من الذين يسكنون الصدر ولا يجاوزون حده بالترقي إلى مقام
نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي جلد : 1 صفحه : 392