responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي    جلد : 1  صفحه : 381


العهد فعبدت من دون الله تعالى فأمر الله تعالى بتطهيره منها ، وقيل : المراد بَخرَاهُ ونظفاه وخلقاه وارفعا عنه الفرث والدم الذي كان يطرح فيه ، وقيل : أخلصاه لمن ذكر بحيث لا يغشاه غيرهم فالتطهير عبارة عن لازمه ، ونقل عن السدي أن المراد به البناء والتأسيس على الطهارة والتوحيد وهو بعيد ، وتوجيه الأمر هنا إلى إبراهيم وإسماعيل لا ينافي ما في سورة الحج من تخصيصه بإبراهيم عليه السلام فإن ذلك واقع قبل بناء البيت كما يفصح عنه قوله تعالى : * ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) * ( الحج : 26 ) وكان إسماعيل حينئذ بمعزل من مثابة الخطاب ، وظاهر أن هذا بعد بلوغه مبلغ الأمر والنهي ، وتمام البناء بمباشرته كما ينبئ عنه إيراده إثر حكاية جعله مثابة وإضافة البيت إلى ضمير الجلالة للتشريف ك‌ * ( ناقة الله ) * ( الأعراف : 73 ) لا أنه مكان له تعالى عن ذلك علواً كبيراً * ( للطَّآئفينَ ) * أي لأجلهم فاللام تعليلية وإن فسر التطهير بلازمه كانت صلة له ، و - الطائف - اسم فاعل من طاف به إذا دار حوله ، والظاهر أن المراد كل من يطوف من حاضر أو باد - وإليه ذهب عطاء وغيره - وقال ابن جبير : المراد الغرباء الوافدون مكة حجاجاً وزواراً . * ( والْعَ‌اكفينَ ) * وهم أهل البلد الحرام المقيمون عند ابن جبير ، وقال عطاء : هم الجالسون من غير طواف من بلدي وغريب ، وقال مجاهد : المجاورون له من الغرباء ، وقيل : هم المعتكفون فيه * ( والرُّكَّع السُّجُود ) * وهم المصلون جمع راكع وساجد ، وخص الركوع والسجود بالذكر من جميع أحوال المصلي لأنهما أقرب أحواله إليه تعالى وهما الركنان الأعظمان وكثيراً ما يكنى عن الصلاة بهما ولذا ترك العطف بينهما ولم يعبر بالمصلين مع اختصاره إيذاناً بأن المعتبر صلاة ذات ركوع وسجود لا صلاة اليهود . وقدم الركوع لتقدمه في الزمان وجمعا جمع تكسير لتغير هيأة المفرد مع مقابلتهما ما قبلهما من جمعي السلامة وفي ذلك تنويع في الفصاحة ، وخالف بين وزني تكسيرهما للتنويع مع المخالفة في الهيئات وكان آخرهما على فعول لأجل كونه فاصلة والفواصل قبل وبعد آخرها حرف قبله حرف مدّ ولين .
* ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَ‌اذَا بَلَدًا آمِنًا وارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم باللَّهِ والْيَوْمِ الاَْخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) * * ( وَإذْ قَالَ إبْراهيمُ رَبِّ اجعَلْ هَ‌اذَا بَلَداً ءَامناً ) * الإشارة إلى الوادي المذكور بقوله تعالى : * ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) * ( إبراهيم : 37 ) أي اجعل هذا المكان القفر بلداً الخ فالمدعو به البلدية مع الأمن ، وهذا بخلاف ما في سورة إبراهيم ( 35 ) * ( رب اجعل هذا البلد آمناً ) * ولعل السؤال متكرر ، وما في تلك السورة كان بعد ، والأمن المسؤول فيها إما هو الأول وأعاد سؤاله دون البلدية رغبة في استمراره لأنه المقصد الأصلي ، أو لأن المعتاد في البلدية الاستمرار بعد التحقق بخلافه . وإما غيره بأن يكون المسؤول أولاً : مجرد الأمن المصحح للسكنى ، وثانياً : الأمن المعهود ، ولك أن تجعل * ( هذا البلد ) * في تلك السورة إشارة إلى أمر مقدر في الذهن كما يدل عليه * ( ربنا إني أسكنت ) * ( إبراهيم : 37 ) الخ فتطابق الدعوتان حينئذٍ ؛ وإن جعلت الإشارة هنا إلى البلد تكون الدعوة بعد صيرورته بلداً والمطلوب كونه آمناً على طبق ما في السورة من غير تكلف إلا أنه يفيد المبالغة أي بلداً كاملاً في الأمن كأنه قيل : اجعله بلداً معلوم الاتصاف بالأمن مشهوراً به كقولك كان هذا اليوم يوماً حاراً ، والوصف بآمن إما على معنى النسب أي ذا أمن على حد ما قيل : * ( في عيشة راضية ) * ( القارعة : 7 ) وإما على الاتساع والإسناد المجازي ، والأصل آمناً أهله فأسند * ( ما ) * للحال للمحل لأن الأمن والخوف من صفات ذوي الإدراك ، وهل الدعاء بأن يجعله آمناً من الجبابرة والمتغلبين ، أو من أن يعود حرمه حلالاً ، أو من أن يخلو من أهله أو من الخسف والقذف ، أو من القحط والجذب ، أو من دخول الدجال ، أو من دخول أصحاب الفيل ؟ ؟ أقوال ، والواقع يرد بعضها فإن الجبابرة دخلته وقتلوا فيه - كعمرو بن لحي الجرهمي ، والحجاج الثقفي والقرامطة وغيرهم - وكون البعض لم يدخله للتخريب بل كان

نام کتاب : تفسير الآلوسي نویسنده : الآلوسي    جلد : 1  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست