نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 9 صفحه : 170
لكنه لا يخلو في الدنيا من بعض العوارض الفادحة في تمشية الأحكام مع أنه عندما أعد له عليه الصلاة والسلام في الآخرة من السبق والتقدم على كافة الأنبياء والرسل يوم الجمع يوم يقوم الناس لرب العالمين وكون أمته شهداء على سائر الأمم ورفع درجات المؤمنين واعلاء مراتبهم بشفاعته وغير ذلك من الكرامات السنية التي لا تحيط بها العبارة بمنزلة بعض المبادئ بالنسبة إلى المطالب وقيل المراد بالآخرة عاقبة أمره عليه الصلاة والسلام أي لنهاية أمرك خير من بدايته لا تزال تتزايد قوة وتتصاعد رفعة وقوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى عدة كريمة شاملة لما أعطاه الله تعالى في الدنيا من كمال النفس وعلوم الأولين والآخرين وظهور الأمر واعلاء الدين بالفتوح الواقعة في عصره عليه الصلاة والسلام وفي أيام خلفائه الراشدين وغيرهم من الملوك الاسلامية وفشو الدعوة والاسلام في مشارق الأرض ومغاربها ولما ادخر له من الكرامات التي لا يعلمها الا الله تعالى وقد أنبأ ابن عباس رضي الله عنهما عن شمة منها حيث قال له عليه الصلاة والسلام في الجنة الف قصر من لؤلؤ ابيض ترابه المسك واللام للابتداء دخلت الخبر لتأكيد مضمون الجملة والمبتدأ محذوف تقديره ولأنت سوف يعطيك الخ لا للقسم لأنها لا تدخل على المضارع الا مع النون المؤكدة وجمعها مع سوف للدلالة على أن الاعطاء كائن لا محالة وان تراخي لحكمة وقيل هي للقسم وقاعدة التلازم بينها وبين نون التأكيد قد استثنى النجاة منها صورتين إحداهما ان يفصل بينها وبين الفعل بحرف التنفيس كهذه الآية وكقوله والله لسأعطيك والثانية أن يفصل بينهما بمعمول الفعل كقوله تعالى « لإلى الله تحشرون » وقال أبو علي الفارسي ليست هذه اللام هي التي في قولك ان زيدا لقائم بل هي التي في قولك لأقومن ونابت سوف عن احدى نوني التأكيد فكأنه قيل وليعطينك وكذلك اللام في قوله تعالى وللآخرة الخ وقوله تعالى ألم يجدك يتيما فآوى تعديد لما أفاض عليه عليه الصلاة والسلام من أول أمره إلى ذلك الوقت من فنون النعماء العظام ليستشهد بالحاضر الموجود على المترقب الموعود فيطمئن قلبه وينشرح صدره والهمزة لانكار النفي وتقرير المنفي على أبلغ وجه كأنه قيل قد وجدك الخ والوجود بمعنى العلم ويتيما مفعوله الثاني وقيل بمعنى المصادقة ويتيما حال من مفعوله روي أن أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين فكفله عمه أبو طالب وعطفه الله عليه فأحسن تربيته وذلك إيواؤه وقرئ فأوى وهو اما من أواه بمعنى آواه أو من أوى له إذا رحمه وقوله تعالى ووجدك ضالا عطف على ما يقتضيه الانكار السابق كما أشير اليه أو على المضارع المنفي بلم داخل في حكمه كأنه قيل أما وجدك يتيما فأوى ووجدك غافلا عن الشرائع التي لا تهتدي
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 9 صفحه : 170