نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 9 صفحه : 151
خلقت خلقا بديعا معدولا به عن سنن خلقة سائر أنواع الحيوانات في عظم جثتها وشدة قوتها وعجيب هيأتها اللائقة بتأتي ما يصدر عنها من الأفاعيل الشاقة كالنوء بالأوقار الثقيلة وجر الأثقال الفادحة إلى الأقطار النازحة وفي صبرها على الجو والعطش حتى ان أظماءها لتبلغ العشر فصاعدا واكتفائها باليسير ورعيها لكل ما يتيسر من شوك وشجر وغير ذلك مما لا يكاد يرعاه سائر البهائم وفي انقيادها مع ذلك للانسان في الحركة والسكون والبروك والنهوض حيث يستعملها في ذلك كيفما يشاء ويقتادها بقطارها كل صغير وكبير والى السماء التي يشاهدونها كل لحظة بالليل والنهار كيف رفعت رفعا سحيق المدى بلا عماد ولا مساك بحيث لا يناله الفهم والادراك والى الجبال التي ينزلون في أقطارها وينتفعون بمياهها وأشجارها كيف نصبت نصبا رصينا فهي راسخة لا تميل ولا تميد والى الأرض التي يضربون فيها ويتقلبون عليها كيف سطحت سطحا بتوطئة وتمهيد وتسوية وتوطيد حسبما يقتضيه صلاح أمور ما عليها من الخلائق وقرئ سطحت مشددا وقرئت الأفعال الأربعة على بناء الفاعل للمتكلم وحذف الراجع المنصوب والمعنى أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار إلى كيفية خلق هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور ليرجعوا عما هم عليه من الانكار والنفور ويسمعوا انذارك ويستعدوا للقائه بالايمان والطاعة والفاء في قوله تعالى فذكر لترتيب الأمر بالتذكير على ما ينبئ عنه الانكار السابق من عدم النظر أي فاقتصر على التذكير ولا تلح عليهم ولا يهمنك أنهم لا ينظرون ولا يتذكرون وقوله تعالى انما أنت مذكر تعليل للأمر وقوله تعالى لست عليهم بمصيطر تقرير له وتحقيق لمعنى الانذار أي لست بمتسلط عليهم تجبرهم على ما تريد كقوله تعالى وما أنت عليهم بجبار وقرئ بالسين على الأصل وبالإشمام وقرئ بفتح الطاء قيل هي لغة بني تمتم فان سيطر عندهم متعد ومنه قولهم تسيطر وقوله تعالى الا من تولى وكفر استثناء منقطع أي لكن من تولى منهم فان لله تعالى الولاية والقهر
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 9 صفحه : 151