نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 9 صفحه : 109
ردع له عليه الصلاة والسلام عما عوتب عليه من التصدي لمن استغنى عما دعاه إليه من الإيمان والطاعة وما يوجبهما من القرآن الكريم مبالغا في الاهتمام بأمره متهالكا على إسلامه معرضا بسبب ذلك عن إرشاد من يسترشده وقوله تعالى إنها تذكرة أي موعظة يجب أن يتعظ بها ويعمل بموجبها تعليل للردع عما ذكر ببيان علو رتبة القرآن العظيم الذي استغنى عنه من تصدى عليه الصلاة والسلام له وتحقيق أن شأنه أن يكون موعظة حقيقة بالإتعاظ بها فمن رغب فيها أتعظ بها كما نطق به قوله تعالى فمن شاء ذكره أي حفظه واتعظ به ومن رغب عنها كما فعل المستغنى فلا حاجة إلى الاهتمام بأمره فالضمير إن للقرآن تأنيث الأول لتأنيث خبره وقيل الأول للسورة أو للآيات السابقة والثاني للتذكرة والتذكير لأنها في معنى الذكر والوعظ وليس بذاك فإن السورة والآيات وإن كانت متصفة بما سيأتي من الصفات الشريفة لكنها ليست مما ألقى على من استغنى عنه واستحق بسبب ذلك ما سيأتي من الدعاء عليه والتعجب من كفره المفرط لنزولها بعد الحادثة واما من جوز رجوعهما إلى العتاب المذكور فقد أخطأ وأساء الأدب وخبط خبطا يقضي منه العجب فتأمل وكن على الحق المبين وقوله وتعالى في صحف متعلق بمضمر هو صفة لتذكرة وما بينهما اعتراض جئ به للترغيب فيها والحث على حفظها أي كائنة في صحف منتسخة من اللوح أو خبر ثان لأن مكرمة عند الله عز وجل مرفوعة أي في السماء السابعة أو مرفوعة المقدار والذكر مطهرة منزهة عن مساس أيدي الشياطين بأيدي سفرة أي كتبة من الملائكة ينتسخون الكتب من اللوح على أنه جمع سافر من السفر وهو الكتب وقيل بأيدي رسل من الملائكة يسفرون بالوحي بينه تعالى وبين الأنبياء على أنه جمع سفير من السفارة وحملهم على الأنبياء عليهم السلام بعيد فإن وظيفتهم التلقي من الوحي لا الكتب منه وإرشاد الأمة بالأمر والنهي وتعليم الشرائع والأحكام لا مجرد السفارة إليهم وكذا حملهم على القراء لقراءتهم الأسفار أو على أصحابه عليه الصلاة والسلام وقد قالوا هذه اللفظة مختصة بالملائكة لا تكاد تطلق على غيرهم وإن جاز الإطلاق بحسب اللغة والباء متعلقة بمطهرة قال القفال لما لم يمسها إلا الملائكة المطهرون أضيف التطهير إليها لطهارة من يمسها وقال القرطبي إن المراد بما في قوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون هؤلاء السفرة الكرام البررة
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 9 صفحه : 109