responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 8  صفحه : 129


بإحاطته تعالى بتفاصيل أحواله خبرا من زيادة لطف له في الكف عن السيئات والرغبة في الحسنات وعنه عليه الصلاة والسلام أن مقعد ملكيك على ثنيتيك ولسانك قلبهما وريقك مدادهما وأنت تجرى فيما لا يعنيك لا تستحى من الله ولا منهما وقد جوز أن يكون تلقى الملكين بيانا للقرب على معنى أنا أقرب إليه مطلعون على أعماله لأن حفظتنا وكتبتنا موكلون به « عن اليمين وعن الشمال قعيد » أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد أي مقاعد كالجليس بمعنى المجالس لفظا ومعنى فحذف الأول لدلالة الثاني عليه كما في قول من قال [ رماني بأمر كنت منه ووالدي * بريئا ومن أجل الطوى رماني ] وقيل يطلق الفعيل على الواحد والمتعدد كما في قوله تعالى والملائكة بعد ذلك ظهير « ما يلفظ من قول » ما يرمى به من فيه من خير أو شر وقرئ ما يلفظ على البناء للمفعول « إلا لديه رقيب » ملك يرقب قوله ويكتبه فإن كان خيرا فهو صاحب اليمين بعينه وإلا فهو صاحب الشمال ووجه تغيير العنوان غنى عن البيان والإفراد مع وقوفهما معا على ما صدر عنه لما أن كلا منهما رقيب لما فوض إليه لا لما فوض إلى صاحبه كما ينبأ عنه قوله تعالى « عتيد » أي معد مهيأ لكتابة ما أمر به من الخير أو الشر ومن لم ينتبه له توهم ان معناه رقيبان عتيدان وتخصيص القول بالذكر لإثبات الحكم في الفعل بدلالة النص واختلاف فيما يكتبانه فقيل يكتبان كل شئ حتى أنينه في مرضه وقيل إنما يكتبان ما فيه من أجر أو وزر وهو الأظهر كما ينبئ عنه قوله صلى الله عليه وسلم كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يساره وكاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر « وجاءت سكرة الموت بالحق » بعدما ذكر استبعادهم للبعث والجزاء وأزيح ذلك بتحقيق قدرته تعالى وعلمه وبين أن جميع أعمالهم محفوظة مكتوبة عليهم اتبع ذلك ببيان ما يلاقونه لا محالة من الموت والبعث وما يتفرع عليه من الأحوال والأهوال وقد عبر عن وقوع كل منها بصيغة الماضي إيذانا بتحقيقها وغاية اقترابها وسكرة الموت شدته الذاهبة بالعقل والباء إما للتعدية كما في قولك جاء الرسول بالخبر والمعنى أحضره سكرة الموت حقيقة الامر الذي نطقت به كتب الله ورسله أو حقيقة الأمر وجلية الحال من سعادة الميت وشقاوته وقيل الحق الذي لابد أن يكون لا محالة من الموت أو الجزاء فإن الإنسان خلق له وإما للملابسة كالتي في قوله تعالى تنبت بالدهن أي ملتبسة بالحق أي بحقيقة الامر أو بالحكمة والغاية الجميلة وقرئ سكرة الحق بالموت والمعنى أنها السكرة التي كتبت على الإنسان بموجب الحكمة وأنها لشدتها توجب زهوق الروح أو تستعقبه وقيل الباء بمعنى مع وقيل سكرة الحق سكرة الله تعالى على أن الإضافة للتهويل

نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 8  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست