نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 7 صفحه : 101
فخيرها فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة ثم اختارت الباقيات اختيارها فشكر لهن الله ذلك فنزل لا يحل لك النساء من بعد واختلف في أن هذا التخيير هل كان تفويض الطلاق إليهن حتى يقع الطلاق بنفس الاختيار أولا فذهب الحسن وقتادة وأكثر أهل العلم إلى انه لم يكن تفويض الطلاق وإنما كان تخييرا لهن بين الإرادتين على أنهن إن أردن الدنيا فارقهن صلى الله عليه وسلم كما ينبئ عنه قوله تعالى فتعالين أمتعكن وأسرحكن وذهب آخرون إلى أنه كان تفويضا للطلاق إليهن حتى لو أنهن اخترن أنفسهن كان ذلك طلاقا وكذا اختلف في حكم التخيير فقال ابن عمر وابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهم إذا خير رجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شئ أصلا ولو اختارت نفسها وقعت طلقة بائنة عندنا ورجعية عند الشافعي وهو قول عمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى وسفيان وروى عن زيد بن ثابت انها إن اختارت زوجها يقع طلقة واحدة وإن اختارت نفسها يقع ثلاث طلقات وهو قول الحسن ورواية عن مالك وروى عن علي رضى الله عنه أنها إن اختارت زوجها فواحدة رجعية وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة وروى عنه أيضا انها إن اختارت زوجها لا يقع شئ أصلا وعليه إجماع فقهاء الأمصار وقد روى عن عائشة رضي الله عنها خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ولم يعده طلاقا وتقديم التمتيع على التسريح من باب الكرم وفيه قطع لمعاذيرهن من أول الامر والمتعة في المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها صداق عند العقد واجبة عندنا وفيما عداهن مستحبة وهي درع وخمار وملحفة بحسب السعة والاقتار إلا أن يكون نصف مهرها أقل من ذلك فحينئذ يجب لها الأقل منهما ولا ينقص عن خمسة دراهم « وإن كنتن تردن الله ورسوله » أي تردن رسوله وذكر الله عز وجل للإيذان بجلالة محله صلى الله عليه وسلم عنده تعالى « والدار الآخرة » أي نعيمها الذي لا قدر عنده للدنيا وما فيها جميعا « فإن الله أعد للمحسنات منكن » بمقابلة إحسانهن « أجرا عظيما » لا يقادر قدره ولا يبلغ غايته ومن للتبيين لأن كلهن محسنات وتجريد الشرطية الأولى عن الوعيد للمبالغة في تحقيق معنى التخيير والاحتراز عن شائبة الإكراه وهو السر فيما ذكر من تقديم التمتيع على التسريح وفي وصف السراح بالجميل « يا نساء النبي » تلوين للخطاب وتوجيه له إليهن لإظهار الاعتناء بنصحهن ونداؤهن ههنا وفيما بعده بالإضافة اليه صلى الله عليه وسلم لأنها التي يدور عليها ما يرد عليهن من الاحكام « من يأت منكن بفاحشة » بكبيرة « مبينة » ظاهرة القبح من بين بمعنى تبين وقرئ بفتح الياء والمراد بها كل ما اقترفن من الكبائر وقيل هي عصيانهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونشوزهن وطلبهن منه ما يشق عليه أو ما يضيق به ذرعه ويغتم لأجله وقرئ تأت بالفوقانية « يضاعف لها العذاب ضعفين » أي يعذبن ضعفي عذاب غيرهن أي مثليه لأن الذنب منهن أقبح فإن زيادة قبحه تابعة لزيادة فضل المذنب والنعمة عليه
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 7 صفحه : 101