responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 6  صفحه : 220


لمعاصيهم لا لعدم رؤيتهم لآثارها خلا أنه اكتفى عن التصريح بإنكارهم ذلك بذكر ما يستلزمه من إنكارهم للجزاء الأخروى الذي هو الغابة من خلق العالم وقد كنى عن ذلك بعدم النشور أي عدم توقعه كأنه قيل بل كانوا ينكرون النشور المستتبع للجزاء الأخروى ولا يرون لنفس من النفوس نشورا أصلا مع تحققه حتما وشموله للناس عموما واطراده وقوعا فكيف يعترفون بالجزاء الدنيوي في حق طائفة خاصة مع عدم الإطراد والملازمة بينه وبين المعاصي حتى يتذكروا ويتعظوا بما شاهدوه من آثار الهلاك وإنما يحملونه على الاتفاق وإما انتقال من التوبيخ بما ذكر من ترك التذكر إلى التوبيخ بما هو أعظم منه من عدم توقع النشور « وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا » أي ما يتخذونك إلا مهزوءا به على معنى قصر معاملتهم معه صلى الله عليه وسلم على اتخاذهم إياه صلى الله عليه وسلم هزؤا لا على معنى قصر اتخاذهم على كونه هزؤا كما هو المتبادر من ظاهر العبارة كأنه قيل ما يفعلون بك إلا اتخاذك هزؤا وقد مر تحقيقه في قوله تعالى إن أتبع إلا ما يوحى إلى من سورة الأنعام وقوله تعالى « أهذا الذي بعث الله رسولا » محكى بعد قول مضمر هو حال من فاعل يتخذونك أي يستهزؤن بك قائلين أهذا الذي الخ والإشارة للإستحقار وإبراز بعث الله رسولا في معرض التسليم بجعله صلة للموصول الذي هو صفته صلى الله عليه وسلم مع كونهم في غاية النكير لبعثه صلى الله عليه وسلم بطريق التهكم والاستهزاء وإلا لقالوا أبعث الله هذا رسولا أو أهذا الذي يزعم أنه بعثه الله رسولا « إن كاد » إن مخففه من إن وضمير الشأن محذوف أي إنه كاد « ليضلنا عن آلهتنا » أي ليصرفنا عن عبادتها صرفا كليا بحيث يبعدنا عنها لا عن عبادتها فقط والعدول إلى الإضلال لغاية ضلالهم بادعاء أن عبادتها طريق سوى « لولا أن صبرنا عليها » ثبتنا عليها واستمسكنا بعبادتها ولولا في أمثال هذا الكلام تجرى مجرى التقييد للحكم المطلق من حيث المعنى كما أشير إليه في قوله تعالى ولقد همت به الخ وهذا اعتراف منهم بأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ من الإجتهاد في الدعوة إلى الحق وإظهار المعجزات وإقامة الحجج والبينات إلى حيث شارفوا أن يتركوا دينهم لولا فرط لجاجهم وغاية عنادهم يروي أنه من قول أبي جهل « وسوف يعلمون » جواب من جهته تعالى لآخر كلامهم ورد لما ينبئ عنه من نسبته صلى الله عليه وسلم إلى الضلال في ضمن الإضلال أي سوف يعلمون البتة وإن تراخى « حين يرون العذاب » الذي يستوجبه كفرهم وعنادهم « من أضل سبيلا » وفيه ما لا يخفى من الوعيد والتنبيه على أنه تعالى لا يهملهم وإن أمهلهم « أرأيت من اتخذ إلهه هواه » تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شناعة حالهم بعد حكاية قبائحهم من الأقوال

نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 6  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست