responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 6  صفحه : 216


وبيان الحكمة في التنزيل التدريجي ومحل الكاف النصب على أنها صفه لمصدر مؤكد لمضمر معلل بما يعده وذلك إشارة إلى ما يفهم من كلامهم أي مثل ذلك التنزيل المفرق الذي قد حوا فيه واقترحوا خلافه ونزلناه لا تنزيل مغايرا له لنقوى بذلك التنزيل المفرق فؤادك فإن فيه تيسير الحفظ النظم وفهم المعاني وضبط الأحكام والوقوف على تفاصيل ما روعي فيها من الحكم والمصالح المبينة على المناسبة على أنها منوطة بأسبابها الداعية إلى شرعها ابتداء أو تبديلا بالنسخ من أحوال المكلفين وكذلك عامة ما ورد في القرآن المجيد من الأخبار وغيرها متعلقة بأمور حادثة من الأقاويل والأفاعيل ومن قضية تجددها تجدد ما يتعلق بها كالاقتراحات الواقعة من الكفرة الداعية إلى حكايتها وإبطالها وبيان ما يؤول إليه حالهم في الآخرة على أنهم في هذا الاقتراح كالباحث عن حتفه بظلفه حيث أمروا بالإتيان بمثل نوبة من نوب التنزيل فظهر عجزهم عن المعارضة وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فكيف لو تحدوا بكلمة وقوله تعالى ( رتلناه ترتيلا ) عطف على ذلك المضمر وتنكير ترتيلا للتفخيم أي كذلك نزلناه ورتلناه ترتيلا بديعا لا يقادر قدره معنى ترتيله تفريقه آية بعد آية قاله النخعي والحسن وقتادة وقال ابن عباس رضي الله عنهما بيناه بيانا فيه ترتيل وتثيبت وقال السدى فصلناه تفصيلا وقال مجاهد جعلنا بعضه في إثر بعض وقيل هو الأمر بترتيل قراءته بقوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا وقيل قرأناه عليك بلسان جبريل عليه السلام شيئا فشيئا في عشرين أو ثلاث وعشرين سنة على تؤدة وتمهل « ولا يأتونك بمثل » من الأمثال من جملتها ما حكى من اقتراحاتهم القبيحة الخارجة عن دائرة العقول الجارية لذلك مجرى الأمثال أي لا يأتونك بكلام عجيب هو مثل في البطلان يريدون به القدح في حقك وحق القرآن « إلا جئناك » في مقابلته « بالحق » أي بالجواب الحق الثابت الذي ينحي عليه بالإبطال ويحسم مادة القيل والقال كما مر من الأجوبة الحقة القالعة لعروق أسئلتهم الشنيعة الدامغة لها بالكلية وقوله تعالى « وأحسن تفسيرا » عطف على الحق أي جئناك بأحسن الحسن في حد ذاته لا أن ما يأتون به له حسن في الجملة وهذا أحسن منه كما مروا الاستثناء مفرغ محله النصب على الحالية أي لا يأتونك بمثل إلا حال إتياننا إياك الحق الذي لا مجيد عنه وفيه من الدلالة على المسارعة إلى إبطال ما أتوا به وتثبيت فؤاده صلى الله عليه وسلم مالا يخفى وهذا بعبارته ناطق ببطلان جميع الأسئلة وبصحة جميع الأجوبة وبإشارته منبىء عن بطلان السؤال الأخير وصحة جوابه إذ لو لا أن تنزيل القرآن على التدريج لما أمكن إبطال تلك الاقتراحات الشنيعة ولما حصل تثبيت فؤاده صلى الله عليه وسلم من تلك الحيثية هذا وقد جوز أن يكون المثل عبارة عن الصفة العريبة التي كانوا يقترحون كونه صلى الله عليه وسلم عليها من مقارنة الملك والاستغناء عن الأكل والشرب وحيازة الكنز والجنة ونزول القرآن عليه جملة واحده على معنى لا يأتوك بحال عجيبة يقترحون اتصافك بها قائلين هلا كان على هذه الحالة إلا أعطيناك نحن من الأحوال الممكنة ما يحق لك في حكمتنا ومشيئتنا أن تعطاه وما هو أحسن تكشيفا لما بعثت عليه ودلالة على صحته وهو الذي أنت عليه في الذات

نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 6  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست