responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 4  صفحه : 233


العطف على ما قيل يستدعى أن يراد بالترك معنيان متخالفان والمراد بفعله عليه السلام إيجاب الإيفاء والعدل في معاملاتهم لا نفس الإيفاء فإن ذلك ليس من أفعاله عليه السلام بل من أفعالهم وإنما لم نقل عطفا على أن نترك لأن الترك ليس مأمورا به على الحقيقة بل المأمور به تكليفه عليه السلام إياهم وأمره بذلك والمعنى أصلاتك تأمرك أن تكلفنا أن نترك ما يعبد آباؤنا وحمله على معنى أصلاتك تأمرك بما ليس في وسعك وعهدتك من أفاعيل غيرك ليكون ذلك تعريضا منهم بركاكة رأيه عليه السلام واستهزاء به من تلك الجهة يأباه دخول الهمزة على الصلاة دون الأمر ويستدعى أن يصدر عنه عليه السلام في أثناء الدعوة ما يدل على ذلك أو يوهمه وأبى ذلك فتأمل وقرئ بالنون في الأول والتاء في الثاني عطفا على أن نترك أي أو أن نفعل نحن في أموالنا عند المعاملة ما تشاء أنت من التسوية والإيفاء « إنك لأنت الحليم الرشيد » وصفوه عليه السلام بالوصفين على طريقة التهكم وإنما أرادوا بذلك وصفه بضديهما كقول الخزنة ذق إنك أنت العزيز الكريم ويجوز أن يكون تعليلا لما سبق من استبعاد ما ذكروه على معنى إنك لأنت الحليم الرشيد على زعمك وأما وصفه بهما على الحقيقة فيأباه مقام الاستهزاء اللهم إلا أن يراد بالصلاة الدين كما قيل « قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة » أي حجة واضحة وبرهان نير عبر بها عما آتاه الله تعالى من النبوة والحكمة ردا على مقالتهم الشنعاء في جعلهم أمره ونهيه غير مستند إلى سند « من ربي » ومالك أموري وإيراد حرف الشرط مع جزمه عليه السلام بكونه على ما هو عليه من البينات والحجج لاعتبار حال المخاطبين ومراعاة حسن المحاورة معهم كما ذكرناه في نظائره « ورزقني منه » أي من لدنه « رزقا حسنا » هو النبوة والحكمة أيضا عبر عنهما بذلك تنبيها على أنهما مع كونهما بينة رزق حسن كيف لا وذلك مناط الحياة الأبدية له ولأمته وجواب الشرط محذوف يدل عليه فحوى الكلام أي أتقولون في شأني ما تقولون والمعنى إنكم نظمتموني في سلك السفهاء والغواة وعددتم ما صدر عني من الأوامر والنواهي من قبيل ما لا يصح أن يتفوه به عاقل وجعلتموه من أحكام الوسوسة والجنون واستهزأتم بي وبأفعالي حتى قلتم إن ما أمرتكم به من التوحيد وترك عبادة الأصنام والاجتناب عن البخس والتطفيف ليس مما يأمر به آمر العقل ويقضي به قاضي الفطنة وإنما يأمر به صلاتك التي هي من أحكام الوسوسة والجنون فأخبروني إن كنت من جهة ربي ومالك أموري ثابتا على النبوة والحكمة التي ليس وراءها غاية للكمال ولا مطمح لطامح ورزقني بذلك رزقا حسنا أتقولون في شأني وشأن أفعال ما تقولون مما لا خير فيه ولا شر وراءه هذا هو الجواب الذي يستدعيه السباق والسياق ويساعده النظم الكريم وأما ما قيل من أن المحذوف أيصح لي أن لا آمركم بترك عبادة الأوثان والكف عن المعاصي أو هل يسع لي مع هذا الإنعام الجامع

نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 4  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست