نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 4 صفحه : 199
لكم من المثل فيكون الإنكار واردا على المعطوفين معا أو أتسمعون هذا فلا تتذكرون فيكون راجعا إلى عدم التذكر بعد تحقق ما يوجب وجوده وهو المثل المضروب كما في قوله تعالى أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم فإن الفاء هناك لإنكار الانقلاب بعد تحقق ما يوجب عدمه من علمهم بخلو الرسل قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أفلا تفعلون التذكر أو أفلا تعقلون ومعنى الهمزة إنكار عدم التذكر واستبعاد صدوره عن المخاطبين وأنه ليس مما يصلح أن يقع لا من قبيل الإنكار في قوله تعالى أفمن كان على بينة من ربه وقوله تعالى هل يستويان فإن ذلك لنفى المماثلة ونفى الاستواء ولما بين من فاتحة السورة الكريمة إلى هذا المقام أنها كتاب محكم الآيات مفصلها نازل في شأن التوحيد وترك عبادة غير الله سبحانه وأن الذي انزل عليه نذير وبشير من جهته تعالى وقرر في تضاعيف ذلك ما له مدخل في تحقيق هذا المرام من الترغيب والترهيب وإلزام المعاندين بما يقارنه من الشواهد الحقه الدالة على كونه من عند الله تعالى وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم مما عراه من ضيق الصدر العارض له من اقتراحاتهم الشنيعة وتكذيبهم له وتسميتهم للقرآن تارة سحر وأخرى مفترى وتثبيته صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على التمسك به والعمل بموجبه على أبلغ وجه وأبدع أسلوب شرع في تحقيق ما ذكر وتقريره بذكر قصص الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين المشتملة على ما اشتمل عليه فاتحة السورة الكريمة ليتأكد ذلك بطريقين أحدهما أن ما أمر به من التوحيد وفروعه مما أطبق عليه الأنبياء قاطبة والثاني أن ذلك إنما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي فلا يبقى في حقيته كلام أصلا وليتسلى بما يشاهده من معاناة الرسل قبله من أممهم ومقاساتهم الشدائد من جهتهم فقيل ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ) الواو ابتدائية واللام جواب قسم محذوف وحرفه الباء لا الواو كما في سورة الأعراف لئلا يجتمع واوان ولا يكاد تطلق هذه اللام إلا مع قد لأنها مظنة التوقع وان المخاطب إذا سمعها توقع وقوع ما صدر بها ونوح هو ابن لمك بن متوشلخ بن إدريس عليهما السلام وهو أول نبي بعث بعده قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما بعث صلى الله عليه وسلم على رأس أربعين من عمره ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان ستين سنة وكان عمره ألفا وخمسين سنة وقال مقاتل بعث وهو ابن مائة سنة وقيل وهو ابن خمسين سنة وقيل وهو ابن مائتين وخمسين سنة ومكث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة 8 إني لكم نذير 8 بالكسر على إرادة القول أي فقال أو قائلا وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالفتح على إضمار حرف الجر أي أرسلناه ملتبسا بذلك الكلام وهو إني لكم نذير بالكسر فلما اتصل به الجار فتح كما فتح في كأن والمعنى على الكسر وهو قولك إن زيدا كالأسد واقتصر على ذكر كونه صلى الله عليه وسلم نذيرا لا لأن دعوته صلى الله عليه وسلم كانت بطريق الإنذار فقط الا يرى إلى قوله تعالى فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدار الخ بل لأنهم لم يغتنموا مغانم إبشاره صلى الله عليه وسلم 8 مبين 8 أبين لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص منه لأن الإنذار إعلام المحذور لا لمجرد التخويف والازعاج بل للحذر منه فيتعلق بكلا وصفيه
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 4 صفحه : 199