نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 4 صفحه : 147
أو ينتظروا وقوع ما أخبر به من الأمور المستقبلة ونفى إتيان التأويل بكلمة لما الدالة علي التوقع بعد نفى الإحاطة بعلمه بكلمة لم لتأكيد الذم وتشديد التشنيع فإن الشناعة في تكذيب الشيء قبل علمه المتوقع إتيانه أفحش منها في تكذيبه قبل علمه مطلقا والمعنى أنه كان يجب عليهم أن يتوقفوا إلى زمان وقوع المتوقع فلم يفعلوا وأما أن المتوقع قد وقع بعد وأنهم استمروا عند ذلك أيضا على ما هم عليه أولا فلا تعرض له ههنا والاستشهاد عليه بعدم انقطاع الذم أو ادعاء أن قولهم افتراه تكذيب بعد التدبر ناشىء من عدم التدبر فتدبر كيف لا وهم لم يقولوه بعد التحدي بل قبله وادعاء كونه مسبوقا بالتحدى الوارد في سورة البقرة يرده أنها مدنية وهذه مكية وإنما الذي يدل عليه ما سيتلى عليك من قوله تعالى ومنهم من يؤمن به ومنهم الخ وقوله تعالى « كذلك » الخ وصف لحالهم المحكي وبيان لما يؤدى إليه من العقوبة أي مثل ذلك التكذيب المبنى على بادي الرأي والمجازفة من غير تدبر وتأمل « كذب الذين من قبلهم » أي فعلوا التكذيب أو كذبوا ما كذبوا من المعجزات التي ظهرت على أيدي أنبيائهم أو كذبوا أنبياءهم « فانظر كيف كان عاقبة الظالمين » وهم الذين من قبلهم من المكذبين وإنما وضع المظهر موضع المضمر للإيذان بكون التكذيب ظلما أو بعليته لإصابة ما أصابهم من سوء العاقبة وبدخول هؤلاء الظالمين في زمرتهم جرما ووعيدا دخولا أوليا وقوله عز وجل « ومنهم » الخ وصف لحالهم بعد إتيان التأويل المتوقع إذا حينئذ يمكن تنويعهم إلى المؤمن به وغير المؤمن ضرورة امتناع الإيمان بشئ من غير علم به واشتراك الكل في التكذيب والكفر به قبل ذلك حسبما أفاده قوله تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه أي ومن هؤلاء المكذبين « من يؤمن به » عند الإحالة بعلمه وإتيان تأويله وظهور حقيته بعدما سعوا في المعارضة ورازوا قواهم فيها فتضاءلت دونها أو بعد ما شاهدوا وقوع ما أخبر به كما أخبر به مرارا ومعنى الإيمان به إما الاعتقاد بحقيته فقط أي يصدق به في نفسه ويعلم أنه حق ولكنه يعاند ويكابر وهؤلاء هم الذين أشير بقصر اتباع الظن على أكثرهم إلى أنهم يعلمون الحق على التفسير الأول كما أشير إليه فيما سلف وإما الإيمان الحقيقي أي سيؤمن به ويتوب عن الكفر وهم الذين أشير بالقصر المذكور على التفسير الثاني إلى أنهم سيتبعون الحق كما مر « ومنهم من لا يؤمن به » أي لا يصدق به في نفسه كما لا يصدق ظاهرا لفرط غباوته المانعة عن الإحاطة بعلمه كما ينبغي وإن كان فوق مرتبة عدم الإحاطة به أصلا أو لسخافة عقله واختلال تمييزه وعجزه عن تخليص علومه عن مخالطة الظنون والأوهام التي ألفها فيبقى على ما كان عليه من الشك وهذا القدر من الإحاطة وإتيان التأويل كاف في مقابلة ما سبق من عدم الإحاطة بالمرة وهؤلاء هم الذين أريدوا فيما سلف بقوله عز وجل وما يتبع أكثرهم إلا ظنا علي التفسير الأول أولا لا يؤمنوا به فيما سيأتي بل يموت على كفره معاندا كان أو شاكا وهم المستمرون على اتباع الظن على التفسير الثاني من غير إذعان للحق وانقياد له « وربك أعلم بالمفسدين » أي بكلا الفريقين على الوجه الأول لا بالمعاندين فقط كما قيل لاشتراكهما في أصل الإفساد المستدعى لاشتراكهما في الوعيد أو بالمصرين الباقين على الكفر علي الوجه الثاني من المعاندين والشاكين
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 4 صفحه : 147