نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 4 صفحه : 144
لا يخلو عن هداية غيره في الجملة وأدناها كونه قدوة له بأن يراه فيسلك مسلكه من حيث لا يدرى والفاء لترتيب الاستفهام على ما سبق من تحقق هدايته تعالى صريحا وعدم هداية شركائهم المفهوم من القصر ومن عدم الجواب المنبىء عن الجواب بالعدم فإن ذلك مما يضطرهم إلى الجواب الحق لا لتوجيه الاستفهام إلى الترتيب كما يقع في بعض المواقع فإن ذلك مختص بالإنكارى كما في قوله تعالى أفمن أتبع رضوان الله الخ ونحوه والهمزة متأخرة في الاعتبار وإنما تقديمها في الذكر لإظهار عراقتها في اقتضاء الصدارة كما هو رأى الجمهور حتى لو كان السؤال بكلمة أي لأخرت حتما ألا يرى إلى قوله تعالى فأي الفريقين أحق بالأمن إثر تقدير ما يلجىء المشركين إلى الجواب من حالهم وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرئ لا يهدى بمعنى لا يهتدى لمجيئه لازما أو لا يهدي غيره وصيغة التفضيل إما على حقيقتها والمفضل عليه محذوف كما اختاره مكي والتقدير أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع ممن لا يهدى أم من لا يهدى أحق الخ وإما بمعني حقيق كما اختاره أبو حيان وأيا ما كان فالاستفهام للإلزام وأن يتبع في حيز النصب أو الجر بعد حذف الجار علي الخلاف المعروف أي بأن يتبع « إلا أن يهدى » استثناء مفرغ من أعمى الأحوال أي لا يهتدى أولا يهدى غيره في حال من الأحوال إلا حال هدايته تعالى له إلي الاهتداء أو إلى هداية الغير وهذا حال إشراف شركائهم من الملائكة والمسيح وعزيز عليهم السلام وقيل المعنى أم من لا يهتدى من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلا أن ينتقل إليه أو إلا أن ينقله الله تعالى من حاله إلى أن يجعله حيوانا مكلفا فيهديه وقرئ إلا أن يهدى من التفعيل للمبالغة « فما لكم » أي أي شيء لكم في اتخاذكم هؤلاء شركاء لله سبحانه وتعالى والاستفهام للإنكار التوبيخي وفيه تعجيب من حالهم وقوله تعالى « كيف تحكمون » أي بما يقضى صريح العقل ببطلانه إنكار لحكمهم الباطل وتعجب منه وتشنيع لهم بذلك والفاء لترتيب كلا الإنكارين على ما ظهر من وجوب اتباع الهادي إلى الحق إن قلت التبكيت بالاستفهام السابق إنما يظهر في حق من يعكس جوابه الصحيح فيحكم بأحقية من لا يهدى بالاتباع دون من يهدى وهم ليسوا حاكمين بأحقية شركائهم لذلك دون الله سبحانه وتعالى بل باستحقاقهما جميعا مع رجحان جانبه تعالى حيث يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قلت حكمهم باستحقاقه تعالى للاتباع بطريق الاشتراك حكم منهم بعدم استحقاقه تعالى لذلك بطريق الاستقلال فصاروا حاكمين باستحقاق شركائهم له دون الله تعالى من حيث لا يحتسبون « وما يتبع أكثرهم » كلام مبتدأ غير داخل في حيز الأمر مسوق من قبله تعالى لبيان عدم فهمهم لمضمون ما أفحمهم وألقمهم الحجر من البرهان النير الموجب لاتباع الهادي إلى الحق الناعي عليهم بطلان حكمهم وعدم تأثرهم من ذلك لعدم اهتدائهم إلى طريق العلم أصلا أن ما يتبع أكثرهم في معتقداتهم ومحاوراتهم إلا ظنا واهيا من غير التفات إلى فرد من أفراد العلم فضلا عن أن يسلكوا مسالك الأدلة الصحيحة الهادية إلى الحق المبنية على المقدمات اليقينية الحقة فيفهموا مضمونها ويقفوا على صحتها وبطلان ما يخالفها من أحكامهم الباطلة فيحصل التبكيت والإلزام فالمراد بالاتباع مطلق الاعتقاد الشامل لما يقارن القبول والانقياد وما لا
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 4 صفحه : 144