responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 3  صفحه : 218


مخصوصة تقتضي وروده على وجه خاص من وجوه النظم بحيث لو أخل بشيء من ذلك سقط الكلام عن رتبة البلاغة البتة فالكلام الواحد المحكي على وجوه شتى إن اقتضى الحال وروده على وجه معين من تلك الوجوه الواردة عند الحكاية فذلك الوجه هو المطابق لمقتضى الحال والبالغ إلى رتبة البلاغة دون ما عداه من الوجوه إذا تمهد هذا فنقول لا يخفى أن استنظار اللعين إنما صدر عنه مرة واحدة لا غير فمقامه إن اقتضى إظهار الضراعة وترتيب الاستنظار على ما حاق به من اللعن والطرد على نهج استدعاء الجبر في مقابلة الكسر كما هو المتبادر من قوله رب فأنظرني حسبما حكى عنه في السورتين فما حكي ههنا يكون بمعزل من المطابقة لمقتضى الحال فضلا عن العروج إلى معارج الإعجاز قلنا مقام استنظاره مقتض لما ذكر من إظهار الضراعة وترتيب الاستنظار على الحرمان المدلول عليه بالطرد والرجم وكذا مقام الإنظار مقتض لترتيب الإخبار بالإنظار على الاستنظار وقد طبق الكلام عليه في تينك السورتين ووفى كل واحد من مقامي الحكاية والمحكي جميعا حظه وأما ههنا فحيث اقتضى مقام الحكاية مجرد الإخبار بالاستنظار والإنظار سيقت الحكاية على نهج الإيجاز والاختصار من غير تعرض لبيان كيفية كل واحد منهما عند المخاطبة والحوار إن قلت فإذن لا يكون ذلك نقلا للكلام على ما هو عليه ولا مطابقا لمقتضى المقام قلنا الذي يجب اعتباره في نقل الكلام إنما هو أصل معناه ونفس مدلوله الذي يفيده وأما كيفية إفادته فليس مما يجب مراعاته عند النقل البتة بل قد تراعي وقد لا تراعي حسب اقتضاء المقام ولا يقدح في أصل الكلام تجريده عنها بل قد يراعي عند نقله كيفيات وخصوصات لم يراعها المتكلم أصلا ولا يخل ذلك بكون المنقول أصل المعنى ألا يرى أن جميع المقالات المنقولة في القرآن الكريم إنما تحكي بكيفيات واعتبارات لا يكاد يقدر على مراعاتها من تكلم بها حتما وإلا لأمكن صدور الكلام المعجز عن البشر فيما إذا كان المحكي كلاما وأما عدم مطابقته لمقتضى الحال فمنشؤه الغفلة عما يجب توفير مقتضاه من الأحوال فإن ملاك الأمر هو مقام الحكاية وأما مقام وقوع المحكي فإن كان مقتضاه موافقا لمقتضى مقام الحكاية يوفى كل واحد من المقامين حقه كما في سورة الحجر وسورة ص فإن مقام الحكاية فيهما لما كان مقتضيا لبسط الكلام وتفصيله على الكيفيات التي وقع عليها روعي حق المقامين معا وأما في هذه السورة الكريمة فحيث اقتضى مقام الحكاية الإيجاز روعي جانبه ألا يرى أن المخاطب المنكر إذا كان ممن لا يفهم إلا أصل المعنى وجب على المتكلم أن يجرد كلامه عن التأكيد وسائر الخواص والمزايا التي يقتضيها المقام ويخاطبه بما يناسبه من الوجوه لكنه مع ذلك يجب أن يقصد معنى زائدا يفهمه سامع آخر بليغ هو تجريده عن الخواص رعاية لمقتضى حال المخاطب في الفهم وبذلك يرتقي كلامه عن رتبة أصوات الحيوانات كما حقق في مقامه فإذا وجب مراعاة مقام الحكاية مع اقتضائها إلى تجريد الكلام عن الخواص والمزايا بالمرة فما ظنك بوجوب مراعاته مع تحلية الكلام بمزايا أخر يرتقي بها إلى رتبة الإعجاز لا سيما إذا وفى حق مقام المحكي في السورتين الكريمتين وكان هذا الإيجاز مبنيا عليه وثقة به « قال » استئناف كأمثاله « فبما أغويتني » الباء للقسم كما في قوله تعالى

نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 3  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست