نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 205
المتفاوتة كما وكيفما وإنما لم يقتصر على بيان ما يوجب أصل النفع وهو الإيمان السابق مع أنه هو المقابل لما لا يوجبه أصلا أعني الإيمان الحادث بل قرن به ما يوجب النفع الوائد أيضا إرشادا إلى تحري الأعلى وتنبيها على كفاية الأدنى وإقناطا للكفرة عما علقوا به أطماعهم الفارغة من أعمال البر التي عملوها في الكفر من صلة الأرحام وإعتاق الرقاب وفك العناة وإغاثة الملهوفين وقرى الأضياف وغير ذلك مما هو من باب المكارم ببيان أن كل ذلك لغو بحت لابتنائه على غير أساس حسبما نطق به قوله تعالى والذين كفروا أعمالهم كرماد اشتدت به الريح الآية ونحو ذلك من النصوص الكريمة وأن الإيمان الحادث كما لا ينفعهم وحده لا ينفعهم بانضمام أعمالهم السابقة واللاحقة ولك أن تقول المقصود بوصف النفس بما ذكر من العدمين التعريض بحال الكفرة في تمردهم وتفريطهم في كل واحد من الأمرين الواجبين عليهم وإن كان وجوب أحدهما منوطا بالآخر كما في قوله عز وجل فلا صدق ولا صلى تسجيلا بكمال طغيانهم وإيذانا بتضاعف عقابهم لما تقرر من أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع في حق المؤاخذة كما ينبئ عنه قوله تعالى فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة إذا تحققت هذا وقفت على أن الآية الكريمة أحق بأن تكون حجة على المعتزلة من أن تكون حجة لهم هذا وقد قيل إنها من باب اللف التقديري أي لا ينفع نفسا ايمانها ولا كسبها في الإيمان لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فيه وليس بواضح فإن مبنى اللف التقديري أن يكون المقدر من متممات الكلام ومقتضيات المقام قد ترك ذكره تعويلا على دلالة الملفوظ عليه واقتضائه إياه كما مر في تفسير قوله عز وجل ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فيحشرهم إليه جميعا فإنه قد طوى في المفصل ذكر حشر المؤمنين ثقة بأنباء التفصيل عنه أعني قوله تعالى فأما الذين آمنوا الآية ولا ريب في أن ما قدر ههنا ليس مما يستدعيه قوله تعالى أو كسبت في إيمانها خيرا ولا هو من مقتضيات المقام لأنه ليس مما وعدوه وعلقوه بإتيان ما ذكر من الآيات كالإيمان حتى يرد عليهم ببيان عدم نفعه إذ ذاك على أن ذلك مشعر بأن لهم بعد ما أصابهم من الدواهي ما أصابهم بقاء على السلاة وزمانا يتأتى منهم الكسب والعمل فيه وفيه من الإخلال بمقام تهويل الخطب وتفظيع الحال ما لا يخفى وقد أجيب عن الاستدلال بوجوه أخر قصارى قصارى أمرها إسقاط الآية الكريمة عن رتبة المعارضة للنصوص القطعية المنون القوية الدلالة على ما ذكر من كفاية الإيمان المجرد عن العمل في الإنجاء الخالد ولو بعد اللتيا والتي لما تقرر من أن الظني بمعزل من معارضة القطعي « قل » لهم بعد بيان حقيقة الحال على وجه التهديد « انتظروا » ما تنتظرونه من إتيان أحد الأمور الثلاثة لتروا أي شيء تنتظرون « إنا منتظرون » لذلك لنشاهد ما يحل بكم من سوء العاقبة وفيه تأييد لكون المراد بما ينتظرونه إتيان ملائكة العذاب أو إتيان أمره تعالى بالعذاب كما أشير غليه وعدة ضمنية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بمعاينتهم لما يحيق بالكفرة من العقاب ولعل ذلك هو الذي شاهدوه يوم بدر والله سبحانه أعلم « إن الذين فرقوا دينهم » استئناف
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 205