نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 160
كلا من هؤلاء الطوائف موفقون للإيمان بالأنبياء وبالكتب المنزلة إليهم عاملون بما فيها من أصول الشرائع وفروعها الباقية في شريعتنا وبه يتحقق الخروج عن عهدة التوكيل دون المنسوخة منها فإنها بانتساخها خارجة عن كونها من أحكامها وقد مر تحقيقه في تفسير سورة المائدة وقيل هم الأنبياء المذكورون فالمراد بالتوكيل الأمر بما هو أعم من إجراء أحكامها كما هو شأنهم في حق كتابهم ومن اعتقاد حقيتها كما هو في شأنهم في حق سائر الكتب التي من جملتها القرآن الكريم وقيل هم الملائكة فالتوكيل هو الأمر بإنزالها وحفظها واعتقاد حقيتها وأيا ما كان فتنكير قوما للتفخيم والباء الأولى صلة لكافرين قدمت عليه محافظة على الفواصل والثانية لتأكيد النفي وأما تقديم صلة وكلنا على مفعوله الصريح فلما ذكر آنفا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ولأن فيه نوع طول ربما يؤدي تقديمه إلى الإخلال بتجاوب النظم الكريم أو إلى الفصل بين الصفة والموصوف وجواب الشرط محذوف يدل عليه المذكور أي فإن يكفر بها هؤلاء فلا اعتداد به أصلا فقد وفقنا للإيمان بها قوما فخاما ليسوا بكافرين بها قطعا بل مستمرون على الإيمان بها والعمل بما فيها ففي إيمانهم بها مندوحة عن إيمان هؤلاء ومن هذا تبين أن الوجه أن يكون المراد بالقوم إحدى الطوائف المذكورة إذ بإيمانهم بالقرآن والعمل بأحكامه تتحقق الغنية عن إيمان الكفرة به والعمل بأحكامه وأما الأنبياء والملائكة عليهم السلام فإنما به ليس من قبيل إيمان آحاد الأمة كما أشير إليه « أولئك » إشارة إلى الأنبياء المذكورين وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبتهم وهو مبتدأ خبره قوله تعالى « الذين هدى الله » أي إلى الحق والنهج المستقيم والالتفات إلى الاسم الجليل للإشعار بعلة الهداية « فبهداهم اقتده » أي فاختص هداهم بالاقتداء ولا تقتد بغيرهم والمراد بهداهم طريقتهم في الإيمان بالله تعالى وتوحيده وأصول الدين دون الشرائع القابلة للنسخ فإنها بعد النسخ لا تبقى هدى والهاء في اقتده للوقف حقها أنم تسقط في الدرج واستحسن إثباتها فيه أيضا إجراء له مجرى الوقف واقتداء بالإمام وقرئ بإشباعها على أنها كناية المصدر « قل لا أسألكم عليه » أي على القرآن أو على التبليغ فإن مساق الكلام يدل عليهما وإن لم يجر ذكرهما « أجرا » من جهتكم كما لم يسأله من قبلي من الأنبياء عليهم السلام وهذا من جملة ما أمر صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم فيه « إن هو » أي ما القرآن « إلا ذكرى للعالمين » أي عظة وتذكير لهم كافة من جهته سبحانه فلا يختص بقوم دون آخرين « وما
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 160