نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 2 صفحه : 243
مندرج تحت الإيمان بالكتاب المنزل على رسوله وأن أحكام كل منها كانت حقه ثابتة إلى ورود ما نسخها وأن ما لم ينسخ منها إلى الآن من الشرائع والأحكام ثابتة من حيث أنها من أحكام هذا الكتاب الجليل المصون عن النسخ والتبديل كما مر في تفسير خاتمة سورة البقرة وقرئ نزل وأنزل على البناء للمفعول وقيل هو خطاب لمؤمني أهل الكتاب لما أن عبد الله بن سلام وابن أخته سلامة وابن أخيه سلمة وأسدا وأسيدا ابني كعب وثعلبة بن قيس ويامين بن يامين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه من الكتب والرسل فقال صلى الله عليه وسلم بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله فقالوا لا نفعل فنزلت فآمنوا كلهم فامرهم بالإيمان بالكتاب المتناول للتوراة مع أنهم مؤمنون بها من قبل ليس لكون المراد بالإيمان ما يعم إنشاءه والثبات عليه ولا لأن متعلق الأمر حقيقة هو الإيمان بما عداها كأنه قيل آمنوا بالكل ولا تخصوه بالبعض بل لأن المأمور به إنما هو الإيمان بها في ضمن الإيمان بالقرآن على الوجه الذي أشير إليه آنفا لا إيمانهم السابق ولأن فيه حملا لهم على التسوية بينهما وبين سائر الكتب في التصديق لاشتراك الكل فيما يوجبه وهو النزول من عند الله تعالى وقيل خطاب لأهل الكتابين فالمعنى آمنوا بالكل لا ببعض دون بعض وأمر كل طائفة بالإيمان بكتابه في ضمن الأمر بالإيمان بجنس الكتاب لما ذكر وقيل هو للمنافقين فالمعنى آمنوا بقلوبكم لا بألسنتكم فقط « ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر » أي بشئ من ذلك « فقد ضل ضلالا بعيدا » عن المقصد بحيث لا يكاد يعود إلى طريقة وزيادة الملائكة واليوم الآخر في جانب الكفر لما أن بالكفر بأحدهما لا يتحقق الإيمان أصلا وجمع الكتب والرسل لما أن الكفر بكتاب أو برسول كفر بالكل وتقديم الرسول فيما سبق لذكر الكتاب بعنوان كونه منزلا عليه وتقديم الملائكة والكتب على الرسل لأنهم وسايط بين الله عز وجل وبين الرسل في إنزال الكتب « إن الذين آمنوا » قال قتادة هم اليهود آمنوا بموسى « ثم كفروا » بعبادتهم العجل « ثم آمنوا » عند عودة إليهم « ثم كفروا » بعيسى والإنجيل « ثم ازدادوا كفرا » بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وقيل هم قوم تكرر منهم الارتداد وأصروا على الكفر وازدادوا تماديا في الغى « لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا » لما أنه يستبعد منهم أن يتوبوا عن الكفر ويثبتوا على الإيمان فإن قلوبهم قد ضربت بالكفر وتمرنت على الردة وكان الإيمان عندهم أهون شئ وأدونه لا أنهم لو أخلصوا الإيمان لم يقبل منهم ولم يغفر لهم وخبر كان محذوف أي مريدا ليغفر لهم وقوله عز وجل « بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما » يدل على أن المراد بالمذكورين الذين آمنوا في الظاهر نفاقا وكفروا في السر مرة بعد أخرى ثم ازدادوا كفرا ونفاقا ووضع
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 2 صفحه : 243