نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 2 صفحه : 222
التنكير بطريق الإبهام بحيث يقطع احتمال كونه للوحدة فقيل ما قيل ولله در شأن التنزيل وإما للاختلاف بالذات بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات على أن المراد بالتفضيل الأول ما خولهم الله تعالى عاجلا في الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل الحقيق بكونه درجة واحدة وبالتفضيل الثاني ما أنعم به في الآخرة من الدرجات العالية الفائتة للحصر كما ينبئ عنه تقديم الأول وتأخير الثاني وتوسيط الوعد بالجنة بينهما كأنه قيل وفضلهم عليهم في الدنيا درجة واحدة وفي الآخرة درجات لا تحصى وقد وسط بينهما في الذكر ما هو متوسط بينهما في الوجود أعني الواعد بالجنة توضيحا لحالهما ومسارعة إلى تسلية المفضول والله سبحانه اعلم هذا ما بين المجاهدين وبين القاعدين غير أولى الضرر وأما أولوا الضرر فهم مساوون للمجاهدين عند القائلين بمفهوم الصفة وبأن الاستثناء من النفي إثبات وأما عند من لا يقول بذلك فلا دلالة لعبارة النص عليه وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد خلفتم في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم وهم الذين صحت نياتهم ونصحت جيوبهم وكانت أفئدتهم تهوى إلى الجهاد وبهم ما يمنعهم من المسير من ضرار أو غيره وبعبارة أخرى إن في المدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال نعم وهم بالمدينة حبسهم العذر قالوا هذه المساواة مشروطة بشريطة أخرى سوى الضرر قذ ذكرت في قوله تعالى « ليس على الضعفاء ولا على المرضى » إلى قوله « إذا نصحوا لله ورسوله » وقيل القاعدون الأول هم الأضراء والثاني غيرهم وفيه من تفكيك النظم الكريم ما لا يخفى ولا ريب في أن الأضراء من غيرهم درجة كما لا ريب في أنهم دون المجاهدين بحسب الدرجة الدنيوية « وكان الله غفورا رحيما » تذليل مقرر لما وعد من المغفرة والرحمة « إن الذين توفاهم الملائكة » بيان لحال القاعدين عن الهجرة إثر بيان حال القاعدين عن الجهاد وتوفاهم يحتمل أن يكون ماضيا ويؤيده قرأ توفتهم وأن يكون مضارعا قد حذف منه احدى التاءين واصله تتوفاهم على حكاية الحال الماضية والقصد إلى استحضار صورتها ويعضده قراءة من قرأ توفاهم على مضارع وفيت بمعنى أن الله تعالى يوفى الملائكة أنفسهم فيتوفونها أي يمكنهم من استيفائها فيستوفونها « ظالمي أنفسهم » حال من ضمير توفاهم فإنه وإن كان مضافا إلى المعرفة الا أنه نكرة في الحقيقة لأن المعنى على الانفصال وان كان موصولا في اللفظ كما في قولة تعالى غير محلى الصيد وهديا بالغ الكعبة وثاني عطفه أي محلين الصيد وبالغا الكعبة وثانيا عطفه كأنه قيل ظالمين أنفسهم وذلك بترك الهجرة واختيار مجاورة الكفرة الموجبة للإخلال بأمور الدين فإنها نزلت في ناس من مكة قد اسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة فريضة « قالوا » أي الملائكة للمتوفين تقريرا لهم بتقصيرهم في إظهار إسلامهم وإقامة احكامه من الصلاة ونحوها وتوبيخها لهم بذلك « فيم كنتم » أي في أي شئ كنتم من أمور دينكم « قالوا » استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية سؤال الملائكة كأنه قيل فماذا قالوا في الجواب فقيل قالوا متجانفين عن الإقرار
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 2 صفحه : 222