نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 1 صفحه : 249
الذي يستحقر بالنسبة اليه كل ما سواه ولما ترى من انطواء هذه الآية الكريمة على أمهات المسائل الإلهية المتعلقة بالذات العلية والصفات الجلية فإنها ناطقة بأنه تعالى موجود متفرد بالإلهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته موجد لغيره لما أن القيوم هو القائم بذاته المقيم لغيره منزه عن التحيز والحلول مبرأ عن التغير والفتور لا مناسبة بينه وبين الأشباح ولا يعتريه ما يعتري النفوس والأرواح مالك الملك والملكوت ومبدع الأصول والفروع ذو البطش الشديد لا يشفع عنده الا من أذن له فيه العالم وحده بجميع الأشياء جليها وخفيها كليها وجزئيها واسع الملك والقدرة لكل ما من شأنه أن يملك ويقدر عليه لا يشق عليه شاق ولا يشغله شأن عن شأن متعال عما تناله الأوهام عظيم لا تحدق به الافهام تفردت بفضائل رائقة وخواص فائقة خلت عنها أخواتها قال صلى الله عليه وسلم ان أعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها بعث الله تعالى ملكا يكتب من حسناته ويمحو من سيئاته إلى الغد من تلك الساعة وقال عليه الصلاة والسلام ما قرئت هذه الآية في دار الا هجرتها الشياطين ثلاثين يوما ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة أربعين ليلة يا علي علمها ولدك وأهلك وجيرانك فما نزلت آية أعظم منها وقال صلى الله عليه وسلم من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا الموت ولا يواظب عليها الا صديق أو عابد ومن قرأها إذا أخذ مضجعه آمنة الله تعالى على نفسه وجاره وجار جاره والابيات حوله وقال عليه الصلاة والسلام سيد البشر آدم وسيد العرب محمد ولا فخر وسيد الفرس سلمان وسيد الروم صهيب وسيد الحبشة بلال وسيد الجبال الطور وسيد الأيام يوم الجمعة وسيد الكلام القرآن وسيد القرآن سورة البقرة وسيد البقرة آية الكرسي وتخصيص سيادته صلى الله عليه وسلم للعرب بالذكر في أثناء تعداد السيادات الخاصة لا يدل على نفي ما دلت عليه الاخبار المستفيضة وانعقد عليه الاجماع من سيادته صلى الله عليه وسلم لجميع افراد البشر « لا إكراه في الدين » جملة مستأنفة جاء بها اثر بيان تفرده سبحانه وتعالى بالشؤون الجليلة الموجبة للإيمان به وحده ايذانا بأن من حق العاقل أن لا يحتاج إلى التكليف والالزام بل يختار الدين الحق من غير تردد وتلعثم وقيل هو خبر في معنى النهي أي لا تكرهوا في الدين فقيل منسوخ بقوله تعالى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم وقيل خاص بأهل الكتاب حيث حصنوا أنفسهم بأداء الجزية وروى انه كان لأنصاري من بني سالم بن عوف ابنان قد تنصرا قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ثم قدما المدينة فلزمهما أبوهما وقال والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت فخلاهما « قد تبين الرشد من الغي » استئناف تعليلي صدر بكلمة التحقيق لزيادة تقرير مضمونه كما في قوله عز وجل قد بلغت من لدني عذرا أي إذ قد تبين بما ذكر من نعوته تعالى التي يمتنع توهم اشتراك غيره في شيء منهما الايمان الذي هو الرشد الموصل إلى السعادة الأبدية من الكفر الذي هو الغي المؤدي إلى الشقاوة السرمدية « فمن يكفر بالطاغوت »
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 1 صفحه : 249