نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 1 صفحه : 180
تسع وثلاثين وتسعمائة اني أزور قبور شهداء أحد رضي الله تعالى عنهم أجمعين وانا أتلوا هذه الآية وما في سورة آل عمران وأرددهما متفكرا في امرهم وفي نفسي ان حياتهم روحانية لا جسمانية فبينما أنا على ذلك إذ رأيت شابا منهم قاعدا في قبره تام الجسد كامل الخلقة في أحسن ما يكون من الهيئة والمنظر ليس عليه شيء من اللباس قد بدا منه ما فوق السرة والباقي في القبر خلا اني اعلم يقينا ان ذلك أيضا كما ظهر وانما لا يظهر لكونه عورة فنظرت إلى وجهه فرأيته ينظر إلى مبتسما كأنه ينبهني على ان الأمر بخلاف رأيي فسبحان من علت كلمته وجلت حكمته وقيل الآية نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر وفيها دلالة على ان الأرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن تبقي بعد الموت دراكة وعليه جمهور الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وبه نطقت الآيات والسنن وعلى هذا فتخصيص الشهداء بذلك لما يستدعيه مقام التحريض على مباشرة مبادي الشهادة ولاختصاصهم بمزيد القرب من الله عز وعلا « ولنبلونكم » لنصيبنكم إصابة من يختبر أحوالكم أتصبرون على البلاء وتستسلمون للقضاء « بشيء من الخوف والجوع » أي بقليل من ذلك فإن ما وقاهم عنه أكثر بالنسبة إلى ما أصابهم بألف مرة وكذا ما يصيب به معانديهم وانما اخبر به قبل الوقوع ليوطنوا عليه نفوسهم ويزداد يقينهم عند مشاهدتهم له حسبما اخبر به وليعلموا انه شيء يسير له عاقبة حميدة « ونقص من الأموال والأنفس والثمرات » عطف على شيء وقيل على الخوف وعن الشافعي رحمه الله الخوف خوف الله والجوع صوم رمضان ونقص من الأموال الزكاة والصدقات ومن الأنفس الأمراض ومن الثمرات موت الأولاد وعن النبي صلى الله عليه وسلم إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة أقبضتم روح ولد عبدي فيقولون نعم فيقول عز وجل اقبضتم ثمرة قلبه فيقولون نعم فيقول الله تعالى ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله عز وعلا ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد « وبشر الصابرين » « الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون » الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتأتى منه البشارة والمصيبة ما يصيب الانسان من مكروه لقوله عليه السلام كل شيء يؤذي المؤمن فهو له مصيبة وليس الصبر هو الاسترجاع باللسان بل بالقلب بأن يتصور ما خلق له وأنه راجع إلى ربه ويتذكر نعم الله تعالى عليه ويرى أن ما أبقى عليه اضعاف ما استرده منه فيهون ذلك على نفسه ويستسلم والمبشر به محذوف دل عليه ما بعده « أولئك » إشارة إلى الصابرين باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت ومعنى البعد فيه للإيذان بعلو رتبتهم « عليهم صلوات من ربهم ورحمة »
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 1 صفحه : 180