نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 46
كونك وشهادتك من القول والفعل ، له وجود في روحك التي هي ما وراء غيب غيبك ، ثم في غيب ، ثم في نفسك التي هي غيبك الأدنى وسماؤك الدنيا ، ثم يظهر على جوارحك . والجعل أعم من الإبداع والتكوين ، فلم يقل ( خالق ) لأن الإنسان مركب من العالمين : خليفة يتخلق بأخلاقي ، ويتصف بأوصافي ، وينفذ أمري ، ويسوس خلقي ، ويدبر أمرهم ، ويضبط نظامهم ، ويدعوهم إلى طاعتي . وإنكار الملائكة بقولهم : * ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) * وتعريضهم بأولويتهم لذلك بقولهم : * ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) * هو احتجابهم عن ظهور معنى الإلهية والأوصاف الربانية فيه التي هي من خواص الهيئة الاجتماعية والتركيب الجامع للعالمين الحاصر لما في الكونين . وعلمهم بصدور الأفعال البهيمية التي هي الإفساد في الأرض ، والسبعية المعبر عنها بسفك الدماء اللتين هما من خواص قوة الشهوة والغضب الضروري وجودهما في تعلق الروح البدن ، وبنزاهة ذواتهم وتقدس نفوسهم عن ذلك ، إذ كل طبقة من الملائكة المقدسة تطلع على ما تحتها وما في أنفسها ولا تطلع على ما فوقها ، فهي تعلم أنه لا بد في تعلق الروح العلوي النوراني بالبدن السفلي الظلماني من واسطة تناسب الروح من وجه ، وتناسب الجسم من وجه ، هي النفس ، وهي مأوى كل شر ، ومنبع كل فساد . ولا تعلم أن الجمعية الإنسانية جالبة للنور الإلهي الذي هو سر * ( إني أعلم ما لا تعلمون ) * والفرق بين التسبيح والتقديس ، أن التسبيح : هو التنزية عن الشريك والعجز والنقص . والتقديس : هو التنزية عن التعلق بالمحل وقبول الانفعال وشوائب الإمكان والتعدد في ذاته وصفاته وكون شيء من كمالاته بالقوة . فالتقديس أخص ، إذ كل مقدس مسبح وليس كل مسبح مقدساً ، فالملائكة المقربون الذين هم الأرواح المجردة بتجردهم وعدم احتجابهم عن نور ربهم وقهرهم ما تحتهم بإفاضة النور عليهم ، وتأثيرهم في غيرهم ، وكون جميع كمالاتهم بالفعل مقدسون وغيرهم من الملائكة السماوية والأرضية مسبحون ببساطة ذواتهم وخواص أفعالهم وكمالاتهم . [ آية 31 - 33 ] * ( وعلم آدم الأسماء كلها ) * أي : ألقى في قلبه خواص الأشياء التي تعرف بها
46
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 46