نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 420
من مراداتها وأهوائها * ( فأووا إلى الكهف ) * إلى البدن لاستعمال الآلات البدنية في الاستكمال بالعلوم والأعمال ، وانخزلوا فيه منكسرين ، مرتاضين ، كأنهم ميتون بترك الحركات النفسانية والنزوات البهيمية والسطوات السبعية ، أي : موتوا موتاً إرادياً * ( ينشر لكم ربكم من رحمته ) * حياة حقيقية بالعلم والمعرفة * ( ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ) * كما لا ينتفع به بظهور الفضائل وطلوع أنوار التجليات ، فتلتذون بالمشاهدات وتتمتعون بالكمالات كما قال تعالى : * ( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ) * [ الأنعام ، الآية : 122 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم في أبي بكر رضي الله عنه : ' من أراد أن ينظر ميتاً يمشي على وجه الأرض فلينظر أبا بكر ' ، أي : ميتاً عن نفسه يمشي بالله . أو وإذ اعتزلتم قومكم ومعبوداتهم غير الله من مطالبهم المختلفة ، ومقاصدهم المتشتتة ، وأهوائهم المتفننة ، وأصنامهم المتخذة ، فأووا إلى كهوف أبدانكم وامتنعوا عن فضول الحركات والخروج في أثر الشهوات ، واعكفوا على الرياضات ، * ( ينشر لكم ربكم من رحمته ) * [ الكهف ، الآية : 16 ] زيادة كمال وتقوية ونصرة بالأمداد الملكوتية ، والتأييدات القدسية ، فيغلبكم عليهم ويهيئ لكم ديناً وطريقاً ينتفع به ، وقبولاً يهتدي بكم الخلائق ناجين . وفي المأوى إلى الكهف عند مفارقتهم سر آخر يفهم من دخول المهدي في الغار إذا خرج ونزل عيسى والله أعلم . وفي نشر الرحمة وتهيئة المرفق من أمرهم عند الأوي إلى الكهف إشارة إلى أن الرحمة الكامنة في استعدادهم إنما تنتشر بالتعلق البدني والكمال بتهيئاته . [ تفسير سورة الكهف آية 17 ] * ( وترى الشمس ) * أي : شمس الروح * ( إذا طلعت ) * أي : ترقت بالتجرد عن غواشي الجسم وظهرت من أفقه تميل بهم من جهة البدن وميله ومحبته إلى جهة اليمين أي : جانب عالم القدس وطريق أعمال البر من الخيرات والفضائل والحسنات والطاعات . وسيرة الأبرار ، فإن الأبرار هم أصحاب اليمين . * ( وإذا غربت ) * أي : هوت في الجسم واحتجبت به ، واختفت في ظلماته وغواشيه ، وخمد نورها ، تقطعهم وتفارقهم كائنين في جهة الشمال ، أي : جانب النفس وطريق أعمال السوء فينهمكون في المعاصي والسيئات والشرور والرذائل . وسيرة الفجار الذين هم أصحاب الشمال * ( وهم في فجوة منه ) * أي : في مجال متسع من بدنهم هو مقام النفس والطبيعة ، فإن فيه متفسحاً لا يصيبهم فيه نور الروح . واعلم أن الوجه الذي يلي الروح من القلب موضع منور بنور الروح يسمى العقل وهو الباعث على الخير والمطرق لإلهام الملك
420
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 420