نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 41
تجعلوا له نداً بنسبة الفعل إليه ، فيستحق أن يعبد عندكم فتعبدوه مع علمكم بهذا . فعبادتهم إنما هي للصانع ، وربهم هو المتجلي في صورة الصنع ، إذ كل عابد لا يعبد إلا ما يعرفه ، ولا يعرف الله إلا بقدر ما وجد من الألوهية في نفسه ، وهم ما وجدوا إلا الفاعل المختار فعبدوه . وغاية هذه العبادة الوصول إلى الجنة التي هي كمال عالم الأفعال ، فالله مهد لهم أراضي نفوسهم ، وبنى عليها سماوات أرواحهم ، وأنزل من تلك السماوات ماء علم توحيد الأفعال ، فأخرج به من تلك الأرض نبات الاستسلام والأعمال والطاعات والأخلاق الحسنة ليرزق قلوبهم منها ثمرات الإيقان والأحوال والمقامات ، كالصبر والشكر والتوكل . ولما أثبت التوحيد ، استدل على إثبات النبوة ليصح بهما الإسلام ، فإنه لا يصح إلا بشهادتين لأن مجرد التوحيد هو الاحتجاب بالجمع عن التفصيل وهو محض الجبر المؤدي إلى الزندقة والإباحة ، ومجرد إسناد الفعل والقول إلى الرسول ، احتجاب بالتفضيل عن الجمع الذي هو صرف القدر المؤدي إلى المجوسية والثنوية ، والإسلام طريق بينهما بالجمع بين قولنا : لا إله إلا الله ، وبين قولنا : محمد رسول الله ، واعتقاد مظهريته لأفعاله تعالى . فإن أفعال الخلق بالنسبة إلى أفعال الحق كالجسد بالنسبة إلى الروح ، فكما أن مصدر الفعل هو الروح ولا يتم إلا بالجسد ، فكذلك مبدىء الفعل هو الحق ولا يظهر إلا بالخلق . ولا بد من الرسالة لأن الخلق بسبب احتجابهم وبعدهم عن الحق لا يمكنهم تلقي المعارف من ربهم ، فيجب وجود واسطة يجانس بروحه الشاهدة للحق الحضرة الإلهية ، وبنفسه المخالطة للخلق الرتبة البشرية ، ليتلقى قلبه من روحه الكلمات الربانية ، ويلقي إلى نفسه القدسية ، ويقبل منه الخلق برابطة الجنسية فقال : [ آية 23 ] * ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا ) * أي : في تنزيلنا على محمد فتشكوا في حقية نبوته ، فروزوا قواكم البشرية ، وأحرزوا عقولكم المحتنكة بالقياس ، المحجوبة عن نور الهداية ، وأفكاركم الدرية بتركيب الكلام ونظم المعاني ، وأنتم ومن حضركم من أبناء جنسكم ، هل تقدرون على الإتيان بسورة أي : طائفة من الكلام مثله * ( إن كنتم صادقين ) * في نسبته إلى محمد . [ آية 24 ]
41
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 41