نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 345
وقوله : * ( لا يأتيكما طعام ترزقانه ) * الخ ، إشارة إلى منعه إياهما عن حظوظهما إلا بعد تبيينه لهما ما يؤول إليه أمرهما من شأنهما الذي يجب لهما القيام به بالسياسة والتسديد والتقويم والإصلاح وإظهار التوحيد لهما بقوله : * ( إني تركت ) * إلى آخره ، بعثه إياهما على القيام بالأمر الإلهي الضروري وترك الفضول والامتناع عن تفرق الوجهة وتشتت الهم ، فإن خاصية الهوى التفرقة والتوزع وتعبد الشهوات المختلفة للقوى المتنازعة ، وخاصية المحبة في البداية وقبل الوصول إلى النهاية التعلق بحسن الصفات والتعبد لها دون جمال الذات ، فدعاهما إلى التوحيد بقوله : * ( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله ) * أي : المشركين ، العابدين لأوثان صفات النفس بل لوجود القلب وصفاته * ( وهم بالآخرة ) * أي : وهم عن البقاء في العالم الروحاني محجوبون ، وبقوله : * ( ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ) . * ( وبقوله : * ( أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) * أي : إذا كان لكل منكما أرباب كثيرة كما قال تعالى : * ( فيه شركاء متشاكسون ) * [ الزمر ، الآية : 29 ] يأمره هذا بأمر وهذا بأمر متمانعون في ذلك ، عاجزون إما للمحبة فكالصفات والأسماء ، وإما للهوى فكالقوى النفسانية كان خيراً له أم رب واحد لا يأمره إلا بأمر واحد ، كما قال : * ( وما أمرنا إلا واحدة ) * [ القمر ، الآية : 50 ] ، قهار ، قوي ، يقهر كل أحد ، لا يمانعه في أمره شيء ، ولا يمتنع عليه . وأجبرهما بالسياسة على اتحاد الوجهة ، فإن القلب إذا غلبت عليه الوحدة امتنعت محبته عن حب الصفات وانصرفت إلى الذات ، وإذا تمرن في التوحيد انقمع هواه عن تعبد الحظوظ والشهوات والتفرق في تحصيل اللذات واقتصر على الحقوق والضرورات بأمر الحق لا بطاعة الشيطان . [ تفسير سورة يوسف من آية 41 إلى آية 42 ] وقوله : * ( أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ) * تعيين لشأن الأول بعد السياسة بالمنع عن الشرك وهو تسليط حب اللذات على الروح * ( وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه ) * بيان لما يؤول إليه أمر الثاني . وصلبه : منعه عن أفعاله بنفسه وقمعه عن مقتضاه وتثبيته وتقريره على جذع القوة الطبيعية النباتية بحيث لا تصرف للمتخيلة فيه
345
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 345