نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 303
وفيضانه عليه من المبدأ الفياض الذي هو منبع الخيرات والبركات كقوله تعالى : * ( وآتاكم من كل ما سألتموه ) * [ إبراهيم ، الآية : 34 ] وكلما فاض عليه خير باستحقاقه له لوجود تصفية وتزكية زاد استعداده بانضمام هذا الخير إليه ، فصار أقوى وأقبل من الأول فيكون المبدأ تعالى أسرع إجابة له وأكثر إفاضة عليه وعلى هذا يزداد الاستعداد فيزداد الفيض حتى يبلغ مداه وهو معنى تضاعف الحسنات . ومعنى قوله : * ( من جاء بالحسنة فله خير منها ) * [ القصص ، الآية : 84 ] . وأما الشرور فليست إلا حجب الاستعداد وموانع القبول وحواجز الفيض ، فلما حصلت ما وقع بسببها إلا عدم القبول للخيرات فمنعت فيضانها وبقي الاستعداد في حجاب ما حصل منها ليس إلا ، وإن اقتضى بحسب المناسبة فيضان الشر فليس في فيض المبدأ ما يجانسه فلا يفيض عليه شيء من جنسه ، وهذا معنى قوله تعالى : * ( ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ) * [ الأنعام ، الآية : 160 ] اللهم إلا إذا أفرط وتجاوز حد الرحمة وأزال الاستعداد بالكلية فناسب الشيطنة واستمد من عالمها ، كما قال تعالى : * ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ( 221 ) تنزل على كل أفاك أثيم ( 222 ) ) * [ الشعراء ، الآيات : 221 - 222 ] ، * ( لقضي إليهم ) * لقطع مدى استعدادهم فانقطع مدد الحياة الحقيقية عنهم ومدد الخير عن استعدادهم بالكلية وأزيل إمكان التصفية منه لاقتضائه الشر ، فلم يصل إليهم بعد ذلك خير صوري ولا معنوي ولكن يمهلهم ما بقي فيهم أدنى مسكة من استعدادهم وإمكان قبول لأدنى خير . * ( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ) * من جملتهم ، أي : لا يرفعون رأساً من انهماكهم في الشرور ولا يتوقعون نوراً من أنوارنا ولا يتنبهون قط من غفلتهم بالرجوع إلينا وطلب رحمتنا * ( في طغيانهم ) * وتماديهم في الشرور يتحيرون وينقطع مدد الخيرات الصورية التي يسألها استعدادهم بلسان حاله عنهم حتى يزول بانغماسهم وانهماكهم في الطبيعيات نور استعدادهم بالكلية لحصول الرين ويحق الطمس ، فنكسوا على رؤوسهم إلى أسفل سافلين . [ تفسير سورة يونس من آية 19 إلى آية 20 ] * ( وما كان الناس إلا أمة واحدة ) * على الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، متوجهين إلى الوحدة ، متنورين بنور الهداية الأصلية * ( فاختلفوا ) * بمقتضيات النشأة واختلاف الأمزجة والأهوية والعادات والمخالطات . * ( ولولا كلمة سبقت من ربك ) * أي : قضاء سبق في الأزل بتعيين الآجال والأرزاق وتمادي كل واحد من الشقي
303
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 303