نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 245
احتجبوا بصفات النفس عن صفات الحق ، وأمروا عليهم الهوى وعبدوه وأطاعوا أوامره ونواهيه في التحريم والتحليل ، بين أن التحريم والتحليل المتبع فيهما أمر الله تعالى ما هما ، ولما كان الكلام معهم في تحريم الطيبات عدد المحرمات ليستدل بها على المحللات فحصر جميع أنواع الفضائل بالنهي عن أجناس الرذائل وابتدأ بالنهي عن رذيلة القوة النطقية التي هي أشرفها . فإن رذيلتها أكبر الكبائر ، مستلزمة لجميع الرذائل ، بخلاف رذيلة أخويها من القوتين البهيمية والسبعية فقال : * ( ألا تشركوا به شيئا ) * إذ الشرك من خطئها في النظر وقصورها عن استعمال العقل ودرك البرهان وعقبه بإحسان الوالدين ، إذ معرفة حقوقهما تتلو معرفة الله في الإيجاد والربوبية لأنهما سببان قريبان في الوجود والتربية وواسطتان جعلهما الله تعالى مظهرين لصفتي إيجاده وربوبيته ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ' من أطاع الوالدين فقد أطاع الله ورسوله ' . فعقوقهما يلي الشرك ولا يقع الجهل بحقوقهما إلا عن الجهل بحقوق الله تعالى ومعرفة صفاته ، ثم بالنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر ، فإن ارتكاب ذلك لا يكون إلا عن الجهل والعمى عن تسبيبه تعالى الرزق لكل مخلوق وأن أرزاق العباد بيده يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر . والاحتجاب عن سر القدر ، فلا يعلم أن الأرزاق مقدرة بإزاء الأعمار كتقدير الآجال ، فأولاها لا تقع إلا من خطئها في معرفة ذات الله تعالى ، والثانية من خطئها في معرفة صفاته ، والثالثة من معرفة أفعاله فلا يرتكب هذه الرذائل الثلاث إلا منكوس ، محجوب عن ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله وهذه الحجب أم الرذائل وأساسها . ثم بين رذيلة القوة البهيمية لأن رذيلتها أظهر وأقدم ، فقال : * ( ولا تقربوا الفواحش ) * من الأعمال القبيحة الشنيعة عند العقل * ( ما ظهر منها ) * كالزنا في الحانات ، وشرب الخمر وأكل الربا * ( وما بطن ) * كقصد هذه الفواحش المذكورة ونيتها والهم بها وإخفائها كالسرقة وارتكاب المحظورات في الخفية . ثم أشار إلى رذيلة القوة السبعية بقوله : * ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) * أي : بالقصاص والكفر ، وختم الكلام بقوله : * ( ذلكم ) * أي : الاجتناب عن أجناس رذائل النفوس الثلاث * ( وصاكم به لعلكم تعقلون ) * أي : لا تجتنبها إلا العقلاء ومن ارتكبها فلا عقل له . [ تفسير سورة الأنعام من آية 152 إلى آية 153 ]
245
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 245