نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 107
وأن تكون أعمارهم في ذلك الزمان كانت طويلة * ( ثم بعثه ) * بالحياة الحقيقية وطلب منه الوقوف على مدة اللبث فما ظنها إلا يوماً أو بعض يوم ، استصغاراً لمدة اللبث في موت الجهل المنقضية بالنسبة إلى الحياة الأبدية ولعدم شعوره بمرور المدة كالنائم الغافل عن الزمان ومروره . ثم لما تفكر نبهه الله تعالى على طول مدة الجهل وموت الغفلة ، بأنه مائة عام ، أو أماته بالموت الإرادي في إحدى المدد المذكورة ، فتكون المدة زمان رياضته وسلوكه ومجاهدته في سبيل الله ، أو أماته حتف أنفه بالموت الطبيعي فتعلق روحه ببدن آخر من جنسه لاكتساب الكمال إما بعد زمان وإما في الحال حتى مر عليه إحدى المدد الثلاث المذكورة ، وهو لا يطلع على حاله فيها ، ولم يشعر بمبدئه ومعاده وكان ميتاً ثم بالحياة الحقيقية فاطلع بنور العلم على حاله وعرف مبدأه ومعاده . وقوله : * ( لبثت يوما أو بعض يوم ) * كقوله تعالى : * ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار ) * [ يونس ، الآية : 45 ] ، وقوله تعالى : * ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها 46 ) * [ النازعات ، الآية : 46 ] ، وقوله : * ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) * [ الروم ، الآية : 55 ] كل ذلك لغفلتهم عن مرور الزمان وكذا مفارق أخاً أو مصاحباً أو شيئاً آخر إذا أدرك الوصال بعد طول مدة الفراق كأن تلك المدة حينئذ لم تكن ، إذ لا يحس بها بعد مضيها وإن قاساها قبل الوصال * ( وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) * قيل : طعامه التين والعنب ، وشرابه الخمر واللبن ، فالتين إشارة إلى المدركات الكلية لكونه لباً كله ، وكون الجزئيات فيها بالقوة ، كالحبات التي في التين ، والعنب إشارة إلى الجزئيات لبقاء اللواحق المادية معها في الإدراك كالثجير والعجم . واللبن إشارة إلى العلم النافع كالشرائع . والخمر إشارة إلى العشق والإرادة وعلوم المعارف والحقائق . لم يتسنه أي : لم يتغير عما كان في الأزل بحسب الفطرة مودعاً فيك ، فإن العلوم مخزونة في كل نفس بحسب استعدادها ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ' الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ' . فإن حجبت بالمواد وخفيت مدة بالتقلب في البرازخ وظلماتها ، لم تبطل ولم تتغير عن حالها . حتى إذا رفع الحجاب بصفاء القلب ظهرت كما كانت ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ' الحكمة ضالة المؤمن ' . * ( وانظر إلى حمارك ) * أي : بدنك بحاله على الوجه الأول والثاني ، وكيف نخرت عظامه وبليت على الوجه الثالث * ( ولنجعلك آية للناس ) * أي : ولنجعلك دليلاً للناس على البعث ، بعثناك * ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ) * أي : نرفعها * ( ثم نكسوها لحما ) * على كلا الوجهين ظاهر ، فإنه إذا بعث وعلم حاله وتجرده عن البدن
107
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 107