responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار التنزيل وأسرار التأويل ( تفسير البيضاوي ) نویسنده : عبد الله بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي    جلد : 1  صفحه : 54


ليتوسلوا بها إلى الهدى والفلاح ، ثم إنهم صرفوها إلى الحظوظ العاجلة ، وسدوها عن الفوائد الآجلة ، ولو شاء اللَّه لجعلهم بالحالة التي يجعلونها لأنفسهم ، فإنه على ما يشاء قدير .
< صفحة فارغة > [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 21 ] < / صفحة فارغة > يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( 21 ) * ( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) * لما عدد فرق المكلفين وذكر خواصهم ومصارف أمورهم ، أقبل عليهم بالخطاب على سبيل الالتفات هزّا للسامع وتنشيطا له واهتماما بأمر العبادة ، وتفخيما لشأنها ، وجبرا لكلفة العبادة بلذة المخاطبة . و ( يا ) حرف وضع لنداء البعيد ، وقد ينادي به القريب تنزيلا له منزلة البعيد . إما لعظمته كقول الداعي : يا رب ، ويا اللَّه ، هو أقرب إليه من حبل الوريد . أو لغفلته وسوء فهمه . أو للاعتناء بالمدعو له وزيادة الحث عليه . وهو مع المنادى جملة مفيدة ، لأنه نائب مناب فعل . وأي : جعل وصلة إلى نداء المعرف باللام ، فإن إدخال « يا » عليه متعذر لتعذر الجمع بين حرفي التعريف فإنهما كمثلين وأعطي حكم المنادى وأجري عليه المقصود بالنداء وصفا موضحا له ، والتزام رفعه إشعارا بأنه المقصود ، وأقحمت بينهما هاء التنبيه تأكيدا وتعويضا عما يستحقه ، أي من المضاف إليه ، وإنما كثر النداء على هذه الطريقة في القرآن لاستقلاله بأوجه من التأكيد ، وكل ما نادى اللَّه له عباده من حيث إنها أمور عظام ، من حقها أن يتفطنوا إليها ، ويقبلوا بقلوبهم عليها ، وأكثرهم عنها غافلون ، حقيق بأن ينادي له بالآكد الأبلغ والجموع وأسماؤها المحلاة باللام للعموم حيث لا عهد ، ويدل عليه صحة الاستثناء منها . أو التأكيد بما يفيد العموم كقوله تعالى :
* ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) * واستدلال الصحابة بعمومها شائعا وذائعا ، فالناس يعم الموجودين وقت النزول لفظا ومن سيوجد ، لما تواتر من دينه عليه الصلاة والسلام أن مقتضى خطابه وأحكامه شامل للقبيلين ، ثابت إلى قيام الساعة إلا ما خصه الدليل ، وما روي عن علقمة والحسن أن كل شيء نزل فيه * ( يا أَيُّهَا النَّاسُ ) * فمكي ويا * ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) * فمدني ، إن صح رفعه فلا يوجب تخصيصه بالكفار ، ولا أمرهم بالعبادة ، فإن المأمور به هو القدر المشترك بين بدء العبادة ، والزيادة فيها ، والمواظبة عليها ، فالمطلوب من الكفار هو الشروع فيها بعد الإتيان بما يجب تقديمه من المعرفة والإقرار بالصانع ، فإن من لوازم وجوب الشيء وجوب ما لا يتم إلا به ، وكما أن الحدث لا يمنع وجوب الصلاة ، فالكفر لا يمنع وجوب العبادة ، بل يجب رفعه والاشتغال بها عقيبه . ومن المؤمنين ازديادهم وثباتهم عليها وإنما قال : * ( رَبَّكُمُ ) * تنبيها على أن الموجب للعبادة هي الربوبية .
* ( الَّذِي خَلَقَكُمْ ) * صفة جرت عليه تعالى للتعظيم والتعليل ، ويحتمل التقييد والتوضيح إن خص الخطاب بالمشركين ، وأريد بالرّب أعم من الرب الحقيقي ، والآلهة التي يسمونها أربابا . والخلق إيجاد الشيء على تقدير واستواء ، وأصله التقدير يقال : خلق النعل إذا قدرها وسواها بالمقياس .
* ( وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) * متناول كل ما يتقدم الإنسان بالذات أو بالزمان . منصوب معطوف على الضمير المنصوب في * ( خَلَقَكُمْ ) * . والجملة أخرجت مخرج المقرر عندهم ، إما لاعترافهم به كما قال اللَّه تعالى :
* ( ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه ) * أو لتمكنهم من العلم به بأدنى نظر ! وقرئ « من قبلكم » على إقحام الموصول الثاني بين الأول وصلته تأكيدا ، كما أقحم جرير في قوله :
يا تيم تيم عديّ لا أبا لكمو تيما ، الثاني بين الأول وما أضيف إليه .
* ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) * حال من الضمير في * ( اعْبُدُوا ) * كأنه قال : اعبدوا ربكم راجين أن تنخرطوا في سلك المتقين الفائزين بالهدى والفلاح ، المستوجبين جوار اللَّه تعالى . نبه به على أن التقوى منتهى درجات السالكين وهو التبري من كل شيء سوى اللَّه تعالى إلى اللَّه ، وأن العابد ينبغي أن لا يغتر بعبادته ، ويكون ذا خوف

54

نام کتاب : أنوار التنزيل وأسرار التأويل ( تفسير البيضاوي ) نویسنده : عبد الله بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست