responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار التنزيل وأسرار التأويل ( تفسير البيضاوي ) نویسنده : عبد الله بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي    جلد : 1  صفحه : 43


السادس : أن ذلك في الآخرة ، وإنما أخبر عنه بالماضي لتحققه وتيقن وقوعه ويشهد له قوله تعالى :
* ( ونَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وبُكْماً وصُمًّا ) * .
السابع : أن المراد بالختم وسم قلوبهم بسمة تعرفها الملائكة ، فيبغضونهم وينفرون عنهم ، وعلى هذا المنهاج كلامنا وكلامهم فيما يضاف إلى اللَّه تعالى من طبع وإضلال ونحوهما .
و * ( عَلى سَمْعِهِمْ ) * معطوف على قلوبهم لقوله تعالى : * ( وخَتَمَ عَلى سَمْعِه وقَلْبِه ) * وللوفاق على الوقف عليه ، ولأنهما لما اشتركا في الإدراك من جميع الجوانب جعل ما يمنعهما من خاص فعلهما الختم الذي يمنع من جميع الجهات ، وإدراك الأبصار لما اختص بجهة المقابلة جعل المانع لها عن فعلها الغشاوة المختصة بتلك الجهة ، وكرر الجار ليكون أدل على شدة الختم في الموضعين واستقلال كل منهما بالحكم . ووحد السمع للأمن من اللبس واعتبار الأصل ، فإنه مصدر في أصله والمصادر لا تجمع . أو على تقدير مضاف مثل وعلى حواس سمعهم .
والأبصار جمع بصر وهو : إدراك العين ، وقد يطلق مجازا على القوة الباصرة ، وعلى العضو وكذا السمع ، ولعل المراد بهما في الآية العضو لأنه أشد مناسبة للختم والتغطية ، وبالقلب ما هو محل العلم وقد يطلق ويراد به العقل والمعرفة كما قال تعالى : * ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ ) * . وإنما جاز إمالتها مع الصاد لأن الراء المكسورة تغلب المستعلية لما فيها من التكرير . وغشاوة رفع بالابتداء عند سيبويه ، وبالجار والمجرور عند الأخفش ، ويؤيده العطف على الجملة الفعلية . وقرئ بالنصب على تقدير ، وجعل على أبصارهم غشاوة ، أو على حذف الجار وإيصال الختم بنفسه إليه والمعنى : وختم على أبصارهم بغشاوة ، وقرئ بالضم والرفع ، وبالفتح والنصب وهما لغتان فيها . و « غشوة » بالكسر مرفوعة ، وبالفتح مرفوعة ومنصوبة و « عشاوة » بالعين الغير المعجمة .
* ( وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) * وعيد وبيان لما يستحقونه . والعذاب كالنكال بناء ، ومعنى تقول : عذب عن الشيء ونكل عنه إذا أمسك ، ومنه الماء العذب لأنه يقمع العطش ويردعه ولذلك سمي نقاخا وفراتا ، ثم اتسع فأطلق على كل ألم قادح وإن لم يكن نكالا ، أي : عقابا يردع الجاني عن المعاودة فهو أعم منهما . وقيل اشتقاقه من التعذيب الذي هو إزالة العذب كالتقذية والتمريض . والعظيم نقيض الحقير ، والكبير نقيض الصغير ، فكما أن الحقير دون الصغير ، فالعظيم فوق الكبير ، ومعنى التوصيف به أنه إذا قيس بسائر ما يجانسه قصر عنه جميعه وحقر بالإضافة إليه ومعنى التنكير في الآية أن على أبصارهم نوع غشاوة ليس مما يتعارفه الناس ، وهو التعامي عن الآيات ، ولهم من الآلام العظام نوع عظيم لا يعلم كنهه إلا اللَّه .
< صفحة فارغة > [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 8 ] < / صفحة فارغة > ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّه وبِالْيَوْمِ الآخِرِ وما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ( 8 ) * ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّه وبِالْيَوْمِ الآخِرِ ) * لما افتتح سبحانه وتعالى بشرح حال الكتاب وساق لبيانه ، ذكر المؤمنين الذين أخلصوا دينهم للَّه تعالى وواطأت فيه قلوبهم ألسنتهم ، وثنى بأضدادهم الذين محضوا الكفر ظاهرا وباطنا ولم يلتفتوا لفتة رأسا ، ثلث بالقسم الثالث المذبذب بين القسمين ، وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم تكميلا للتقسيم ، وهم أخبث الكفرة وأبغضهم إلى اللَّه لأنهم موهوا الكفر وخلطوا به خداعا واستهزاء ، ولذلك طول في بيان خبثهم وجهلهم واستهزأ بهم ، وتهكم بأفعالهم وسجل على عمههم وطغيانهم ، وضرب لهم الأمثال وأنزل فيهم * ( إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ) * وقصتهم عن آخرها معطوفة على قصة المصرّين .
والناس أصله أناس لقولهم : إنسان وأنس وأناسي فحذفت الهمزة حذفها في لوقة وعوض عنها حرف التعريف ولذلك لا يكاد يجمع بينهما . وقوله :

43

نام کتاب : أنوار التنزيل وأسرار التأويل ( تفسير البيضاوي ) نویسنده : عبد الله بن محمد الشيرازي الشافعي البيضاوي    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست