نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 931
إن هذه الآية لا توجب الجهاد على جميع المؤمنين في أحوال الاستقرار وإنما يجب على المؤمنين طلب العلم لأن الجهاد يعتمد على العلم ، ولأن نشر الإسلام في الأصل يتوقف على البيان والإقناع بالحجة والبرهان . وهذا يتطلب التنظيم والتقسيم ، فتكون فئة من المؤمنين للتفقه والتعلم ، وفئة أخرى للجهاد ، فإنه بحسب النظام العام الدائم فرض كفاية على الناس ، كما أنّ طلب العلم فرض كفاية أيضا . ومعنى الآية : ما كان من شأن المؤمنين أن ينفروا جميعا ، ويتركوا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم وحده ، فإن الجهاد فرض كفاية ، متى قام به البعض سقط الإثم عن الباقين ، وليس هو فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل ، وإنما يصبح فرض عين إذا خرج الرسول للجهاد واستنفر الناس إليه . لذا حضّ اللَّه تعالى على طلب العلم الذي هو أداة التقدم والرفعة ، فهلا نفر في أثناء النهضة من كل جماعة كالقبيلة أو البلد طائفة قليلة منهم للتفقه في الدين ، ومعرفة أحكام الشريعة وأسرارها ، حتى إذا ما رجع المجاهدون من المعركة ، أنذروهم من الأعداء ، وحذروهم من غضب اللَّه وعرفوهم أحكام الدين ، لكي يخافوا اللَّه ، ويحذروا عاقبة عصيانه ، ومخالفة أمره . ثم أوضح اللَّه تعالى بعض قواعد الجهاد ، قبل الأمر بقتال الأعداء كافة ، على سبيل التدرج في التشريع في أول الإسلام . وأول هذه القواعد أن يبتدئ المجاهدون بالأقرب فالأقرب ، ثم ينتقلوا إلى الأبعد فالأبعد ، وطبق النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم هذه الخطة ، فبدأ بقتال قومه في مكة ، ثم قاتل سائر العرب ، ثم انتقل إلى قتال الروم في الشام ، ثم اتجه أصحابه لدخول العراق . فيا أيها المؤمنون قاتلوا الأقرب فالأقرب منكم إلى ديار الإسلام ، فإن فيه التحصن ، وهم أولى بالرعاية والهداية ، وبهم توجد الأتباع بسبب قرب الجوار ،
931
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 931