نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 929
عظيم ، بسبب أن كل ما يتعرضون له أثناء جهادهم مثابون عليه ، من معاناة ومكابدة ومشاق ، كالعطش والتعب والجوع والألم في سبيل اللَّه ، ووطء جزء من أرض الكفر يغيظ الكفار ، والنيل من الأعداء بالأسر أو القتل أو الهزيمة أو الغنيمة ، كل ذلك يستحق الثواب الجزيل المكافئ لما قدموه وزيادة ، وذلك مما يوجب المشاركة في الجهاد ، إن اللَّه لا يضيع أجر المحسنين ، أي لا يدع لهم شيئا من الثواب على إحسانهم إلا كافأهم به ، وكقوله تعالى : * ( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ) * [ الكهف : 18 / 30 ] . وكذلك لا ينفق هؤلاء المجاهدون في سبيل اللَّه نفقة صغيرة ولا كبيرة ، أي قليلا ولا كثيرا ، ولا يقطعون واديا ، أي في أثناء السير إلى الأعداء ، إلا أثبت لهم الجزاء الأوفى . وإذا كتبت الصغيرة فالكبيرة أحرى . والوادي : ما بين الجبلين ، سواء كان فيه ماء أو لم يكن ، واللَّه أراد لهم أن يجزيهم أحسن الجزاء على عملهم ، لأن الجهاد في سبيل اللَّه إعلاء لكلمة الإسلام ، وصون لصرح الإيمان ، وحفظ لحرمة الأوطان ، وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا واستعبدوا . أخرج ابن جرير الطبري حديثا عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل اللَّه بعدا إلا ازدادوا من اللَّه قربا » . والحاصل : إن فرضية الجهاد على أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب كانت فرض عين لأنهم نواة الدولة ، وقاعدة الإسلام ، وعلى كواهلهم بناء المجد والعزة والسيادة . فلما كثر المسلمون ، أباح اللَّه التخلف عن الجهاد مع الحكام لمن شاء . قال قتادة : كان هذا خاصا بالنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، إذا غزا بنفسه ، فليس لأحد أن يتخلف عنه إلا بعذر ، فأما غيره من الأئمة والولاة ، فلمن شاء أن يتخلف خلفه من المسلمين إذا لم يكن بالناس حاجة إليه ولا ضرورة . قال القرطبي : قول قتادة حسن ، بدليل غزاة تبوك .
929
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 929