نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 859
حَرَّمَ اللَّه زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ واللَّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ( 37 ) ) * [ التوبة : 9 / 36 - 37 ] . أخرج ابن جرير الطبري عن أبي مالك - لبيان سبب نزول الآية - قال : كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا ، فيجعلون المحرم صفر ، فيستحلون فيه المحرمات ، فأنزل اللَّه : * ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ . . ) * هاتان الآيتان تتضمنان ما كانت العرب شرعته في جاهليتها من تحريم شهور الحل ، وتحليل شهور الحرمة . والذي أكدته الروايات أن العرب كانت لا عيش لأكثرها إلا من الغارات وإعمال سلاحها ، فكانوا إذا توالت عليهم حرمة ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ، صعب عليهم ووقعوا في مشكلة الفقر ، فيتواطئون على إنساء شهر ، أي تأخير حرمة المحرم وجعله في صفر ، ليكون لديهم فاصل زمني للغارات ، فيحلون المحرم ويغيرون فيه بقصد المعيشة ، ثم يلتزمون حرمة شهر آخر وهو صفر ، ثم يسمون ربيعا الأول صفرا ، وربيعا الثاني ربيعا الأول ، وهكذا في سائر الشهور ، يستقبلون سنتهم من المحرم الموضوع لهم ، فيسقط على هذا حكم المحرم الذي حلَّل لهم ، وتصبح السنة ثلاثة عشر شهرا أولها المحرم المحلل ، ثم المحرم المصطنع وهو صفر ، ثم إتمام السنة على هذا النحو المغيّر . ففي هذا العبث والتلاعب بالأشهر نزلت هاتان الآيتان . أخبر اللَّه سبحانه أن عدد أشهر السنة القمرية في كتاب اللَّه أي في نظامه وحكمه التشريعي اثنا عشر شهرا ، لسهولة الحساب بها ، وتوقفها على رؤية الهلال ، فإن كل إنسان متعلم أو غير متعلم ، بدوي أو حضري ، يراه ويراقب تحركاته بسهولة ، وذلك منذ بدء خلق السماوات والأرض وإلى كل زمان ، ومن تلك الأشهر أربعة حرم : ثلاثة سرد وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، وواحد فرد وهو رجب ، أي ذات حرمة وتعظيم تتميز به عن بقية الشهور ، فلم يكن يحل فيها القتال وسفك الدماء . وتحريم هذه الأشهر الأربعة في السنة هو الدين القيم ، أي الدين والشرع المستقيم
859
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 859