نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 854
وحده شرعا وعقلا ، لا يوجد إله غيره ، وتنزه وتقدس عن الشركاء والنظراء والأعوان والأضداد والأولاد ، لا إله إلا هو بحق ، ولا رب سواه في الواقع ومقتضى العدل . ولكن هؤلاء المشركين والكتابيين يريدون أن يطفئوا نور الإسلام ، الذي بعث اللَّه به رسوله محمدا ، فيضل الناس أجمعون ، ويأبى اللَّه إلا أن يتم نوره بتثبيته وحفظه والعناية به وإكماله وإتمامه ، ولو كره الجاحدون ذلك بعد تمامه ، كما كرهوه حين بدء ظهوره . والجاحد الكافر : هو الذي يستر الشيء ويغطيه . وأما النور الإسلامي فهو الذي أرسل اللَّه به رسوله بالهدى ودين الحق الذي لا يغيّره ولا يبطله شيء آخر ، وهو هدى اللَّه الصادر عن القرآن والشرع المثبت في قلوب الناس ، والهدى : هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة والإيمان الصحيح والعلم النافع . ودين الحق : هو الأعمال الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة . واللَّه تعالى يريد إعلاء دين الحق على جميع الأديان ، ولو كره المشركون ذلك الإظهار ، وقد تحقق وعد اللَّه ونصره ، كما ثبت في الصحيح عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « إن اللَّه زوي لي الأرض مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زري لي منها » . وإذا كانت اليهودية توصف بالتعصب والانغلاق ، والمسيحية بالتسامح والمحبة ، فإن أدق وصف يوصف به الإسلام أنه دين الحق والعدل والميزان ، الذي لا يتجاوز الواقع ، ويوجب الاعتدال في الأمور ، والتزام الإنصاف في العقيدة والشريعة والمنهج الأخلاقي والسلوكي . يتبين مما ذكر أن اللَّه تعالى أراد أن يستمر حبل الرسالات الإلهية ويظل موصولا في البشر ، قبل ختم النبوات برسالة خاتم النبيين والمرسلين محمد بن عبد اللَّه ، عليهم صلوات اللَّه وسلامه ، واستمرار هذا الخير من أجل الإنسان ووحدة الإنسانية ، لا للتفرق والاختلاف والتمزق والانقسام .
854
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 854