نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 851
يجلبونها ، ومنعوا من دخول الحرم بعد هذا العام ، فسوف يغنيكم اللَّه من فضله وعطائه بوجه آخر ، وييسر لكم موارد العيش والرزق والكسب ، إن اللَّه عليم بأحوالكم ، وبما يكون في المستقبل من غنى وفقر ، حكيم فيما يشرعه لكم من أمر ونهي ، وسماح ومنع ، وأما أهل الكتاب الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر على النحو القرآني ، ولا يحرمون ما حرمه القرآن وسنّه الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلم ، ولا يعتقدون بصحة دين الإسلام ، فهؤلاء يقاتلون بسبب عدوانهم ، وغاية القتال إقرار السلم وعقد المعاهدة السلمية معهم ، حتى يطمئن المسلمون لجانبهم ، فلا يكونون خطرا يهدد الدولة من الداخل . فإن قبلوا الإقامة في ديار المسلمين بموجب عهد أو عقد بيننا وبينهم ، والتزموا بتطبيق أحكام الإسلام المدنية والجنائية ، أي في المعاملات وعقوبات الجرائم ، وأدوا ضريبة الجزية وهي دينار عن كل رجل غني ، كسائر الضرائب المباشرة وغير المباشرة ، التي يدفعها المواطنون في العصر الحاضر ، وهي بديل عن خدمة العلم أو المشاركة في الجهاد والدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم وأموالهم ، فإن شاركوا في المعارك ، سقطت هذه الضريبة عنهم . وقد كان هذا النظام مألوفا في معاملات الشعوب ، وليس الصغار الإذلال والإهانة ، وإنما هو التزام الأحكام ، أي القوانين الإسلامية السائدة وإذا انعقدت المعاهدة مع الكتابيين ، وجب تنفيذ أحكامها واحترامها من الجانبين ، وحرم ظلمهم وتكليفهم ما لا يطيقون . وتسميتهم بأهل الذمة ليس بمعنى الذم والاحتقار ، وإنما الذمة العهد والحماية لأن حقوق المساواة والعدل في معاملتهم بمقتضى ذمة اللَّه ورسوله ، أي عهده وميثاقه . ويسمون أيضا بالمعاهدين : وهم من بيننا وبينهم عهد محترم من الجانبين . والتاريخ أصدق شاهد على أن التعايش السلمي وتبادل الود والوئام بين المسلمين
851
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 851