نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 845
فيجلس معهم ، ويدع الهجرة ، فنزلت يعاتبهم سبحانه : * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وإِخْوانَكُمْ ) * الآية . وفي شأن الذين تخلفوا بمكة ولم يهاجروا منها نزلت آية : * ( قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ . . ) * إلى قوله * ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّه بِأَمْرِه ) * يعني القتال وفتح مكة . والمقصود من الآيتين الحض على الهجرة . اقتضت حكمة إقامة الدين ومصلحة المسلمين حين نزول القرآن أن تكون هناك قطيعة تامة بين المؤمنين وأقاربهم الكافرين ، حتى يبقى الدين سليما ، فلا يتجزأ الانتماء وتتوزع العواطف ، ولأن رابطة الدين أسمى وأولى وأقوى من رابطة القرابة أو العصبية أو القبلية أو الأسرية . والمراد بالإخوان في الآيتين إخوان النسب . وبدئت الآية بخطاب المصدقين المؤمنين باللَّه ورسوله ، ومفادها : لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء تنصرونهم في القضايا العامة ، وتكونون تبعا لهم في سكنى بلاد الكفرة ، وتطلعونهم على أسرار المؤمنين في السلم والحرب ، إن اختاروا الكفر على الإيمان ، وآثروا الشرك على الإسلام ، ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون لأنفسهم وأمتهم ، لأنهم خالفوا اللَّه ورسوله ، بموالاة الكافرين بدلا من التبرؤ منهم . والنهي عن مخالطة غير المؤمنين للتحريم لا للتنزيه ، لوصف من تولاهم أو خالطهم بأنهم هم الظالمون . وفي معنى هذه الآية آيات كثيرة ، منها : إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّه عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ومَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ( 9 ) ) * [ الممتحنة : 60 / 9 ] . ثم توعد اللَّه من آثر أهله وقرابته وعشيرته على اللَّه ورسوله وجهاد في سبيله ، وترك الهجرة والجهاد ، مفضلا الجهاد على ثمانية أشياء . والمعنى : إن كنتم تؤثرون هذه
845
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 845