نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 820
لا يألف ولا يؤلف » . والتشابه في الصفات والأفعال هو سبب الألفة ، فمن كان من أهل الخير ألف أشباهه وألفوه . وكان التأليف بفعل اللَّه ، فلو أنفقت أيها النبي جميع ما في الأرض من أموال ، ما استطعت تأليف قلوب العرب ، وجمع كلمتهم ، ولكن اللَّه بهدايتهم للإيمان ، وتوحيدهم على طريق سوي ، حقق التأليف بينهم بقدرته وحكمته ، إن اللَّه قوي لا يغلب ، حكيم في أفعاله . ومعلوم أن من أهم أسباب النصر هو التآلف واتحاد الكلمة . ولم يقتصر التأليف على تسوية المنازعات الجاهلية القديمة ، وإنما شمل تسوية المنازعات الناشئة بعد الإسلام ، كالخلاف في شأن قسمة الغنائم . وكما وعد اللَّه رسوله بالنصر عند مخادعة الأعداء ، وعده بالنصر والظفر في جميع الحالات في الدين والدنيا ، لذا أخبر اللَّه سبحانه بأنه كاف نبيه كل ما يهمه من شؤون وناصره ومؤيده على أعدائه ، وإن كثرت أعدادهم وتزايدت أمدادهم ، وكان عدد المؤمنين قليلا وعدتهم ضعيفة . ويؤيده أيضا أتباعه المؤمنون الذين بايعوه على الإيمان والجهاد والدفاع عنه وعن الإسلام . وقد نزلت آية : * ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّه ) * بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال . ولكن توحيد الأمة وإن كان أساس القوة وبناء الجبهة الداخلية ، فعليك أيضا أيها النبي أن تحرّض المؤمنين على القتال ، ولما كان المؤمنون قلة في صدر الإسلام ، أمر الواحد منهم أن يثبت في الحرب أمام عشرة من الكفار ، فإن يكن منكم عشرون صابرون في القتال ، ثابتون في مواقعهم ، يغلبوا بإيمانهم وصبرهم وفقههم مائتين من الأعداء ، ليست عندهم هذه الخصال الثلاث ، وإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا ألفا من الكفار ، والسبب في هزيمتهم أنهم قوم جهلة لا يدركون حكمة الحرب ، كما يدركها المؤمنون ، فهم إنما يقاتلون بقصد مجرد التفوق والاستعلاء ، والمؤمنون
820
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 820