نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 781
المقصود من هذه الآيات : يا أيها المصدقون بالله ورسوله ، إذا اقتربتم من عدوكم حال كونهم زاحفين نحوكم لقتالكم ، أي متقابلي الصفوف والأشخاص فلا تفرّوا منهم أبدا ، مهما كثر عددهم ، وأنتم قلة ، بأن كانوا مثلي أو ضعف المؤمنين ، واثبتوا لهم وقاتلوهم ، فالله معكم عليهم . لا يجوز الانهزام أمامهم بحال إلا لمصلحة حربية بأن يتحرف المقاتل لقتال ، أي يظهر أنه منهزم ، ثم يكرّ أو ينعطف عليه مرة أخرى ليقتله ، وهذه مكيدة حربية مشروعة ، أو يتحيز المقاتل لفئة أخرى من جماعته ، أي ينضم لجماعة إسلامية أخرى تؤيده وتساعده ، لمقاتلة العدو معا ، وما عدا هاتين الحالتين يحرم الفرار من الزحف أمام العدو ، ومن يخالف هذا وينهزم ، يرجع مصحوبا بغضب اللَّه وسخطه ، ومأواه في الآخرة جهنم ، وبئس المصير أي المرجع هي . وهذا دليل على أن الفرار من الزحف أمام العدو من كبائر المعاصي ، ويؤيده ما جاء في حديث البخاري ومسلم : « اجتنبوا السبع الموبقات - أي المهلكات - وذكر منها التولي يوم الزحف » . ثم أبان القرآن الكريم أمرا مهما في عقيدة الإسلام في القتال ألا وهي أن المقاتلين لا يستقلون بقتل العدو ، وإنما الخلق والاختراع في جميع حالات القتل إنما هي لله تعالى ، ليس للقاتل فيها شيء ، وإنما هو مجرد وسيلة وأداة ، فالفعّال الحقيقي هو اللَّه : * ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولكِنَّ اللَّه قَتَلَهُمْ وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ اللَّه رَمى ) * أي إن افتخرتم بقتلهم في بدر ، فأنتم لم تقتلوهم بقوتكم وعدتكم ، ولكن اللَّه قتلهم بأيديكم ، لأنه هو الذي أنزل الملائكة ، وألقى الرعب في قلوبهم ، وحقق النصر والظفر لكم . وسبب نزول هذه الآية : أن أصحاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لما صدورا ( رجعوا ) عن بدر ، ذكر كل واحد منهم ما فعل ، فقال : قتلت كذا ، وفعلت كذا ، فجاء من ذلك
781
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 781