نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 747
العذاب المعنوي والمادي قبل مجيء الإسلام . والمعنى : اذكر يا محمد ما قضى اللَّه على الإسرائيليين بسبب مخالفاتهم من تسليط قوم عليهم يذيقونهم سوء العذاب الشديد وهو الإذلال وفرض الإتاوة إلى يوم القيامة ، إن ربك لسريع العقاب لمن عصاه وخالف شرعه ، وإنه لغفور لمن تاب إليه وأناب ، ورحيم بأهل الطاعة والإنابة . وهذا تنبيه على سرعة عقاب اللَّه ، والتخويف بذلك تخويفا عاما لجميع الناس . هذا هو العقاب الأول ، وقد تحقق في الماضي وعلى مراحل التاريخ ، ويكفيهم الآن خضوعهم لإمريكا في الواقع ، وإن أظهروا أحيانا الاعتماد على الذات . والعقاب الثاني : هو تفريقهم وتمزيقهم جماعات وطوائف وفرقا في أنحاء الأرض ، وتبعتهم لدول مختلفة ، ومنهم الصالحون المحسنون الذين يؤمنون برسالات الأنبياء بعد موسى عليه السلام ، ومنهم من هو دون غيره في الصلاح ، ومنهم الفسقة الفجرة الكفرة الذين قتلوا الأنبياء بغير حق ، ومنهم السماعون للكذب وأكلة الربا وأموال الناس بالباطل ، واللَّه يختبرهم جميعا بالحسنات أي بالنعم كالصحة والرخاء ، أو بالسيئات ، أي بالنقم كالمرض والفقر وغيرهما من المحن والمصائب . لعلهم يرجعون إلى الطاعة أو الاستقامة ، ويتوبون من المعصية ومخالفة أوامر اللَّه . ثم ظهرت بعد الصالحين والطالحين أجيال وأخلاف ورثوا التوراة عن أسلافهم ، وتلقفوا ما فيها من الأحكام والشرائع ، لكنهم تاجروا بها ، فأخذوا الرشاوى والمكاسب الخبيثة ، وهذا معنى قوله تعالى : * ( يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدْنى ) * أي يأخذون عروض عيش الدنيا الدنية ، ولكنهم قوم مغترون بأنفسهم ، يقولون أو يزعمون أن اللَّه سيغفر لهم ذنوبهم ، ولا يؤاخذهم على أفعالهم السيئة ، قائلين : إننا أبناء اللَّه وأحباؤه وسلائل الأنبياء ، وهم مقيمون على المعاصي ، غير متورعين عن الحرام ، وإن يأتهم عرض آخر من عروض الدنيا مثل الذي أخذوه أولا بالباطل ، يأخذوه
747
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 747