نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 745
مثل ذلك الابتلاء بظهور السمك يوم السبت المحرم عليهم صيده ، وإخفائه عنهم في بقية الأيام التي يحل لهم صيده فيها ، نبلو ، أي نختبر السابقين والمعاصرين ، ليجازى كل واحد على عمله ، بسبب فسقهم المستمر وخروجهم عن طاعة اللَّه . وحين ظهرت هذه المعصية ، انقسم أهل تلك القرية أثلاثا ببين مؤيد ومعارض واعظ ، ومحايد قائل لهم : لم تعظون قوما قضى اللَّه بإهلاكهم وإفنائهم وعقابهم في الدنيا والآخرة . فأجابهم الواعظون : نعظهم لنبرئ أنفسنا من السكوت عن المنكر ، ونعتذر إلى ربنا بأننا أدّينا واجبنا في الإنكار عليهم ، ونحن لا نيأس من صلاحهم وامتثالهم للحق ، ولعلهم بهذا الإنكار عليهم يتقون ما هم فيه ويتركونه ، ويتوبون إلى اللَّه تعالى . فلما أبى الفاعلون قبول النصيحة ، أنجينا الناهين عن السوء ، وهم فريق الواعظين وفريق اللائمين ، وعذبنا الظالمين الذين ارتكبوا المعصية بعذاب شديد ، بسبب فسقهم وعقوبة عليهم . وذلك العذاب أنهم لما عتوا ، أي تمردوا وتكبروا عن ترك ما نهوا عنه ، وأبوا سماع نصيحة الواعظين ، جعلهم اللَّه قردة صاغرين أذلاء منبوذين مبعدين عن الناس ، هذا عذاب الدنيا ، ولعذاب الآخر أشد وأبقى ، والعتو : الاستعصاء وقلة الطواعية . والذي رآه أكثر المفسرين أنهم مسخوا قردة على الحقيقة ، روي أن الشباب منهم مسخوا قردة ، والرجال الكبار مسخوا خنازير ، لمخالفتهم الأوامر وتماديهم في العصيان ، لا لمجرد اصطياد الأسماك . وقال مجاهد : أصبحوا كالقردة في سوء الطباع والطيش والشر والإفساد ، بسبب جناياتهم . وعلى أية حال ، إن جزاء مخالفة أوامر اللَّه شديد في الدنيا والآخرة ، وهو جزاء
745
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 745