نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 68
كتبهم ، وهو نبوّة محمد صلَّى اللَّه عليه وسلم ، وأن الكعبة قبلة له . والحق ما كان من عند اللَّه وحده ، لا من غيره ، وذلك ما أمر اللَّه به في قرآنه ، فلا تكونن من الشّاكّين في صدق ما أنت عليه ، وهو ما أتاك من ربّك من الوحي . نزلت هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب : عبد اللَّه بن سلام وأصحابه ، كانوا يعرفون رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم بنعته وصفته وبعثه في كتبهم ، كما يعرف أحدهم ولده ، إذا رآه مع الغلمان . ثم أبان اللَّه تعالى أن لكل فريق من الأمم قبلة هو موليها ، فلليهود قبلة ، وللنصارى قبلة ، وللمسلمين قبلة ، فليس هناك جهة واحدة قبلة لكل الأمم ، وليست القبلة ركنا من أركان الدين ، وإنما المهم هو وجود التسابق إلى الخيرات ، وإعلان الإيمان بما أنزل اللَّه ، واحترامه والدفاع عنه ، سواء نزل في شريعة قوم أم في شريعة أخرى ، فقال اللَّه تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 148 الى 149 ] * ( ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّه جَمِيعاً إِنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 148 ) ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وإِنَّه لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ومَا اللَّه بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( 149 ) ) * [ البقرة : 2 / 148 - 149 ] . ثم بيّن اللَّه تعالى ثلاث حكم لتحويل القبلة ، الحكمة الأولى : لئلا يحتج أحد على اللَّه ، فأهل الكتاب يعرفون أن النّبي المبشّر به عندهم ، قبلته الكعبة ، فجعل القبلة إلى البيت المقدس دائما على مدى الزمان طعن في نبوّته . وكان المشركون العرب يرون أن نبيّا من ولد إبراهيم عليه السّلام جاء لإحياء ملَّته ، فلا يعقل أن يتّجه إلى غير قبلته وبيت ربّه الذي بناه إبراهيم ، فكان التحويل متفقا مع ما يرى كلا الفريقين : أهل الكتاب والمشركون . ثم استثنى اللَّه سبحانه الذين ظلموا أنفسهم ، فهم سفهاء لا يهتدون بكتاب ، ولا يقتنعون بحجة وبرهان ، وهؤلاء لا يخشاهم أحد ، لأن الخشية تكون لأصحاب الحق والمنطق السليم .
68
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 68