نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 614
وَصْفَهُمْ [1] إِنَّه حَكِيمٌ عَلِيمٌ ( 139 ) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّه افْتِراءً عَلَى اللَّه قَدْ ضَلُّوا وما كانُوا مُهْتَدِينَ ( 140 ) ) * [ الأنعام : 6 / 136 - 140 ] . سبب نزول هذه الآيات : أن العرب كانت تجعل من غلاتها وزرعها وثمارها ومن أنعامها جزءا تسمّيه لله ، وجزءا تسمّيه لأصنامها ، وكانوا يعنون بنصيب الأصنام أكثر منها بنصيب اللَّه ، لأن اللَّه غني والأصنام فقيرة . فهذه ألوان ثلاثة من شرائع الجاهلية العربية قبل الإسلام ، ابتدعها المشركون بأهوائهم وآرائهم الفاسدة ، ومن وساوس الشيطان وإيحاء إبليس . أما اللون أو الأنموذج الأول فهو كيفية قسمة القرابين من الحرث والأنعام ، أي الزروع والمواشي ، فجعلوا منها نصيبا مخصّصا للأوثان والأصنام ، ونصيبا لله ، قائلين : هذا لله بزعمهم الذي لا دليل عليه ، وهذا لشركائنا ومعبوداتنا نتقرّب به إليها ، أما نصيب اللَّه فيطعمونه الفقراء والمساكين ويكرمون به الضّيفان والصّبيان ، ونصيب الآلهة المزعومة يعطى لسدنتهم وخدمهم وينفقون منه على معابدهم ، وما كان لشركائهم وأوثانهم يصرف لها ، وما كان لله فهو واصل إلى شركائهم ، وفي الحالين لا يصل إلى اللَّه شيء ، ألا ساء الحكم حكمهم ، وبئس ما يصنعون . والأنموذج الثاني الذي زيّن به الشيطان لهم أفعالهم : أن كثيرا من المشركين أقدموا على فعل شنيع جدّا ، وهو قتل أولادهم الذكور والبنات ، وكان شركاؤهم وهم سدنة الآلهة وخدمها والشياطين زيّنوا لهم قتل هؤلاء البنات ، وأفهموهم أن قتلهم أولادهم قربى إلى الآلهة ، كما فعل عبد المطَّلب حين نذر قتل ابنه عبد اللَّه ، ومنشأ هذا التّزيين : أنهم خوّفوهم الفقر العاجل ، وأوهمهم أن بقاء البنات عار وخزي