نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 612
غيركم أفضل منكم وأطوع ، كما قدر على إنشائكم من ذرّية قوم آخرين ، فهو سبحانه قادر على الإهلاك والإنشاء معا ، وقد حقق ذلك ، فأهلك زعماء الشّرك المعاندين ، واستخلف من بعدهم قوما آخرين ، وهم المهاجرون والأنصار الذين كانوا مظهر رحمة اللَّه للبشر في سلمهم وحربهم . وبعد توجيه هذا الإنذار بالإهلاك في الدنيا ، أتبعه اللَّه إنذارا آخر في الآخرة بقوله سبحانه : * ( إِنَّ ما تُوعَدُونَ لآتٍ ) * أي أخبرهم أيها النّبي أن الذي توعدون به من الجزاء الأخروي كائن لا محالة ، ولستم بمعجزين اللَّه بهرب ولا امتناع مما يريد ، فهو القادر على إعادتكم ، وإن صرتم ترابا رفاتا وعظاما بالية ، وهو القاهر فوق عباده . ثم أردف اللَّه تعالى الإنذارين السابقين بتهديد آخر شديد ، وهو أخبرهم أيها النّبي بقولك : استمرّوا على طريقتكم وحالتكم التي أنتم عليها ، إن كنتم تظنّون أنكم على هدى ، فأنا مستمر على طريقتي ومنهجي ، كما جاء في آية أخرى : وقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ ( 121 ) وانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ( 122 ) [ هود : 11 / 121 - 122 ] . إنكم سوف تعلمون أيّنا تكون له العاقبة المحمودة ، أنحن أم أنتم ؟ وعاقبة الدار : العاقبة الحسنى التي خلق اللَّه تعالى هذه الدار لها . إنه لا يفلح الظالمون ، أي لا يسعد ولا ينجح الظالمون أنفسهم بالكفر بنعم اللَّه تعالى واتّخاذ الشّركاء له في ألوهيّته ، كما ورد في آية أخرى : فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ، ولَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ [ إبراهيم : 14 / 13 - 14 ] . وقوله تعالى : * ( اعْمَلُوا ) * معناه : إنكم سترون عاقبة عملكم الفاسد ، وهذا وعيد وتهديد ، وقوله : * ( عَلى مَكانَتِكُمْ ) * معناه : على حالكم وطريقتكم . ثم جزم اللَّه الحكم بأنه * ( لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) * أي لا ينجح سعيهم ، ولا يظفرون بشيء مفيد .
612
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 612