نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 554
أنا بشر أتبع ما يوحى إلي من ربّي ، كسائر الأنبياء والرّسل من قبلي ، فمعرفتي وعلمي ومعلوماتي كلها مستمدة من الوحي ، وذلك يستوجب التأمل في وحي اللَّه وملكوته ، لأنه لا يستوي الناظر المفكّر في الآيات مع المعرض الكافر المهمل للنظر ، فالأعمى والبصير مثالان للمؤمن والكافر ، أي ففكّروا أنتم وانظروا ، لتميّزوا بين ضلال الشرك وهداية الإسلام ، وتعقلوا ما في القرآن من أدلة توحيد اللَّه واتّباع رسول اللَّه ، وهذا يدلّ على إثبات القدرة المطلقة والعلم الشامل لله سبحانه . ثم أمر اللَّه نبيّه بأن ينذر ويخوّف جميع الخلائق بالوحي القرآني ، وهم أهل الملل السماوية الثلاثة الذين يخافون من الحشر وأهواله ، وشدة الحساب يوم القيامة ، وما يتبع ذلك من الجزاء على الأعمال عند لقاء اللَّه ، في حال من ليس له ولي ناصر ولا شفيع شافع ، أنذرهم بهذا أيها النّبي لعلهم - أي البشر - يتّعظون ويتّقون ، فيمتثلون الأوامر وينتهون عن الكفر والمعاصي . ثم ذكر القرآن مثلا رائعا في مجاملة الضعفاء ، فمنع من تقريب أشراف القوم من قريش ، وحذّر من طرد ضعفاء الناس المؤمنين الموحّدين الذين يعبدون اللَّه في الصباح والمساء ، ويدعونه سرّا وعلانية ، ويخلصون في طاعتهم وعبادتهم ، فلا يقصدون إلا إرضاء اللَّه تعالى ، المستحق وحده للعبادة ، وهؤلاء هم الذين يختص اللَّه بحسابهم ، وليس لك أيها النّبي محاسبتهم على شيء ، ولم تكلف شيئا غير دعائهم للدين ، لا ترزقهم ولا يرزقونك ، وإن طردتهم من مجلسك كنت من الظالمين أنفسهم . فأي دليل بعد هذا الإنذار الموجّه للنّبي يدلّ على أن القرآن لا يتصور إلا أن يكون كلام اللَّه ، وليس بكلام بشر ولو كان نبيّا . ثم أماط القرآن اللثام عن حقيقة جوهرية هي تعدد الأديان : من إسلام وشرك ، ولقد ابتلى اللَّه المؤمنين بالمشركين وعلى العكس واختبرهم بذلك ، وابتلاء المؤمنين
554
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 554