نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 539
وكان النّضر كثير الحديث عن القرون الأول ، وكان يحدّث قريشا ، فيستملحون حديثه ، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية . والمعنى والمقصد من هذه الآية أن مشركي مكة كانوا في أعجز موقف ، حين حاولوا ردّ الحق القرآني بالدعوى المجردة ، ومنهم فريق كانوا يستمعون للنّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهم في أشدّ حالات الغباء وصمم الآذان ، يرون الآيات الناطقة بالحق فلا يؤمنون بها ، وإذا جاؤوا للمجادلة أي المقابلة في الاحتجاج ، قابلوا بدعوى مجردة فارغة من البرهان المقبول ، والعقل السليم لأن اللَّه تعالى - بسبب عنادهم وإصرارهم على شركهم - جعل على قلوبهم أغطية لئلا يفقهوا القرآن ، وفي آذانهم ثقلا أو صمما عن السماع النافع لهم ، كما شبّههم القرآن بحال الطيور الناعقة بما لا تعي ولا تفهم ، فقال تعالى : * ( ومَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً ونِداءً ) * [ البقرة : 2 / 171 ] . لقد حجزوا عن فهم القرآن وقبوله وتدبّر معانيه بسبب التقليد الأعمى للأسلاف ، وإعراضهم الناشئ عن تصميم وعناد وحزم ألا ينظروا فيما يسمعون نظرة تأمّل وإمعان ، ليميزوا بين الحق والباطل . فمهما رأوا من الآيات البيّنات والبراهين الصادعة بالحق لا يؤمنوا بها ، وصاروا بلا فهم ولا إنصاف ، كما قال تعالى : * ( ولَوْ عَلِمَ اللَّه فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ولَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ ( 23 ) ) * [ الأنفال : 8 / 23 ] . وإذا جاؤوا يحاجّون النّبي ويناظرونه في الحق وفي دعوته ، قالوا قولا تافها : ما هذا الذي جئت به إلا مأخوذ من أخبار الأولين وأقاصيصهم التي تسطر وتحكى ولا تحقق كالتواريخ ، وما هي إلا نوع من خرافات وأباطيل القدماء . وهم بهذا الموقف اللاعقلاني والدعائي بمجرد الأقاويل المبطلة ، ينهون الناس عن
539
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 539