نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 527
وسبب ذلك الإعراض عن النظر في آيات اللَّه : تكذيبهم بالحقّ الذي جاءهم ، وهو دين الإسلام والقرآن ومحمد عليه الصّلاة والسّلام . إنهم لم ينظروا في الوجود نظرة تأمّل وتفكّر واعتبار ، ولم يحرّروا أنفسهم من رقّ التقليد الأعمى للآباء والأجداد ، ولم يترفعوا عن سيطرة العصبية وحماقة الجاهلية ، فهم إذا جاءتهم رسالة التجديد والحياة الأفضل أعرضوا وقالوا : سحر مستمر ، قال تعالى : * ( وقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِه مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ( 132 ) ) * [ الأعراف : 7 / 132 ] . والإعراض عن الحق ، والجمود على الباطل ، استدعى تهديد هؤلاء الكفار على تكذيبهم بالحقّ ، فلا بدّ من أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب ، وسيجدون عاقبة أمرهم واستهزائهم بالإسلام والقرآن ، فإنهم سيتعرضون في الدنيا للقتل والدمار بمختلف الأسباب ، وفي الآخرة يجدون العذاب في نار جهنم يطوّق أعناقهم ويلازمهم إلى الأبد ، قال تعالى : * ( وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِه يَسْتَهْزِؤُنَ ) * [ النّحل : 16 / 34 ] . ثم أبان اللَّه تعالى أن الوعيد بالعذاب سنّة اللَّه في المكذّبين ، ألم يروا في قلوبهم وينظروا في عقولهم أن اللَّه أهلك كثيرا من الأمم السابقة قبلهم ، مثل قوم عاد وثمود وقوم فرعون وإخوان لوط الذين كذّبوا رسلهم ، بالرغم مما كانوا يتمتعون به من أسباب القوة والسّعة في الرزق ، والاستقلال والملك ، ما لم نعطهم مثله ، وما لم نمكّن لهم شبيها به . لقد كان قوم عاد وثمود وقوم فرعون وإخوان لوط في سعة كبيرة من العيش ، وشدة في السلطان ، وقوة في الحياة ، وسّع اللَّه عليهم الرزق ، وأرسل عليهم الأمطار الغزيرة ، وجعل الأنهار تجري من تحت بيوتهم ووسط مزارعهم ، فلما كفروا بأنعم
527
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 527