نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 406
ويُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا ( 150 ) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً ( 151 ) والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّه ورُسُلِه ولَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وكانَ اللَّه غَفُوراً رَحِيماً ( 152 ) ) * [ النساء : 4 / 150 - 151 ] . نزلت هذه الآيات في شأن من آمن ببعض الرّسل ، وكفر بمحمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فمن كفر بخاتم الأنبياء ، فكأنه كفر بجميع الرّسل ، والكفر بالرّسل كفر بالله ، وتفريق بين اللَّه ورسله في أنهم قالوا : نحن نؤمن بالله ، ولا نؤمن بفلان وفلان من الأنبياء . يتوعّد اللَّه تعالى في هذه الآيات الكافرين به وبرسله ، حيث فرّقوا في الإيمان بين اللَّه ورسله ، فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض ، تعصّبا وتمسّكا بالموروث ، واعتصاما بالأهواء والشهوات ، وحفاظا على المراكز والمصالح . ومن أنكر وجود اللَّه ، أو أقرّ بوجوده ولكنه كفر بالرّسل وكتبهم ، ولم يعترف بوجود ظاهرة الوحي من اللَّه لبعض عباده الذين اصطفاهم ، فهؤلاء أيضا من فئة الكفار . وإن من آمنوا بنبي أو رسول ، وجحدوا نبوّة أو رسالة رسول آخر ، فهم كفار ، فرّقوا بين اللَّه ورسله في الإيمان ، واتّخذوا سبيلا وسطا بين الإيمان والكفر ، واخترعوا دينا مبتدعا بين الأديان ، إنهم هم الكافرون الكاملون في الكفر ، الراسخون في الضلال ، فالدين دين اللَّه ، وما يقرّه اللَّه فهو الحق ، وما يبطله فهو الباطل ، ولو كان هؤلاء مؤمنين حقّا بما أمر اللَّه به ، لما أوجدوا هذه التفرقة ولا تلك الضلالة ، وأعتد اللَّه وهيّأ للكافرين جميعا من هؤلاء وأمثالهم عذابا فيه ذلّ وإهانة لهم في الدنيا والآخرة ، جزاء كفرهم . يتبين من هذا أن الكفر بالرسل نوعان : كفر بجميع الرّسل ، وأصحابه لا يؤمنون بأحد من الأنبياء ، لإنكارهم النّبوات ، وكفر ببعض الرّسل دون بعض ، وكلا
406
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 406