نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 389
فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ [1] وإِنْ تُصْلِحُوا وتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّه كانَ غَفُوراً رَحِيماً ( 129 ) وإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّه كُلاًّ مِنْ سَعَتِه وكانَ اللَّه واسِعاً حَكِيماً ( 130 ) ) * [ النساء : 4 / 128 - 130 ] . وسبب نزول آية * ( وإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً ) * : ما روى الترمذي عن ابن عباس أنها نزلت بسبب سودة بنت زمعة - زوجة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، قال : خشيت سودة أن يطلقها رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقالت : لا تطلقني وأمسكني ، واجعل يومي منك لعائشة ، ففعل ، فنزلت : * ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً ) * فما اصطلحا عليه فهو جائز . هذه الآية حكم من اللَّه تعالى في أمر المرأة التي تكون متقدمة في السن أو دميمة أو نحو ذلك مما يرغب زوجها عنها ، فإذا أرادت المرأة الصبر والبقاء في عصمة الزوج ، ولا تتضر بذلك ، فلها أن تتصالح مع الرجل على أمر ما ، لإبقاء رابطة الزواج المقدسة ، ولأن الطلاق أبغض الحلال إلى اللَّه ، وقد يكون الصلح بتنازل المرأة عن بعض حقوقها أو كل حقوقها ، لتبقى في عصمة زوجها ، أو تمنحه شيئا من مالها ليطلقها من طريق ما يسمى بالخلع أو عوض الخلع : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِه والصلح خير من الفراق والطلاق ، أو من النشوز والإعراض وسوء العشرة ، بل هو خير من الخصومة في كل شيء حفاظا على الرابطة الزوجية ، ومنعا من هدم كيان الأسرة وإلحاق الضرر بالأولاد . وإن تحسنوا أيها الأزواج البقاء مع نسائكم وإن كرهتموهن ، وتصبروا على ما تكرهون ، مراعاة لحق الصحبة ، وتحسنوا المعاشرة فيما بينكم ، وتتقوا النشوز والإعراض ، وما يؤدي إلى الأذى والخصومة ، فإن اللَّه كان بما تعملون من الإحسان والتقوى خبيرا عليما لا يخفى عليه شيء ، فيجازيكم ويثيبكم عليه .