نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 360
والفئة الثانية : هم المحايدون الذين جاؤوكم أيها المسلمون ، وقد ضاقت صدورهم بقتالكم ، وأبغضوا أن يقاتلوكم ، ولا يهون عليهم أيضا أن يقاتلوا قومهم معكم ، بل هم لا لكم ولا عليكم ، وأعلنوا الحياد ، فلا يجوز قتالهم ، حفاظا على ما التزموه من الوقوف على الحياد والمسالمة أو الموادعة ، دون عدوان ولا اعتداء ، ودون انضمام إلى قوم معتدين . وكل من هاتين الفئتين ينطبق عليه قول اللَّه تعالى : * ( وقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّه لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ( 190 ) ) * [ البقرة : 2 / 190 ] . وكان من رحمة اللَّه وفضله أن سالم هؤلاء المسلمين ، وكفوا عن إيذائهم ولو شاء اللَّه لسلطهم علينا بأن يلهمهم القتال ، فيقاتلوننا . إن هؤلاء المجدّين في احترام السلم والموادعة أصحاب النية الحسنة ، هم الذين نحترم مبدأ المسالمة معهم ، أما غيرهم من أصحاب النوايا الخبيثة فينبغي الحذر منهم ، لذا نبّه القرآن الكريم بعد الآية السابقة إلى الحذر من طائفة مخادعة ، يريدون اللعب على الحبلين ، وإظهار المودة للمسلمين وللمشركين معا ، فقال تعالى : [ سورة النساء ( 4 ) : آية 91 ] * ( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ ويَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ ( 1 ) أُرْكِسُوا فِيها ( 2 ) فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ ويُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ويَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ واقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ( 3 ) وأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً ( 91 ) ) * [ النساء : 4 / 91 ] أي حجة واضحة . نزلت هذه الآية في قوم هم بنو أسد وغطفان كانوا يجيئون من مكة إلى النبي عليه الصلاة والسلام رياء ، يظهرون الإسلام ، ثم يرجعون إلى قريش فيكفرون ، ففضح اللَّه تعالى هؤلاء ، وأعلم أنهم مذبذبون معادون ، يجوز قتلهم وقتالهم في كل مكان .
( 1 ) أي إلى الشرك والضلال والاضطراب . ( 2 ) أي وقعوا في حمأة الكفر والشرك . ( 3 ) وجدتموهم .
360
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 360